زعماء المناصب يرفضون الرحيل

فساد القيادات وتواطؤ المكاتب السياسية وانتهازية الأطر سبب اندحار الأحزاب عرى خطاب العرش عن عورة الأحزاب السياسية التي ظل زعماؤها، يزايدون على بعضهم البعض، ويتبادلون الاتهامات، ويبحثون فقط عن توزيع «الغنيمة الانتخابية»، والبحث عن الحقائب الوزارية والدبلوماسية والمناصب العليا ودواوين الوزراء. لكن ما يثير التساؤل، هو خروج بعض قادة هذه الأحزاب التي تحول البعض منها إلى دكاكين لبيع التزكيات والترقية الاجتماعية، والتسلق الطبقي، والاغتناء غير المشروع، للتعليق على مضامين الخطاب الملكي دون خجل، وكأن الخطاب يتحدث عن أحزاب «الوقواق»، وليس تلك التي يقودها ويتحكم فيها من خرج للإدلاء بتصريحات مخجلة. وما يؤكد حالة الإفلاس التي وصلت إليها الأحزاب السياسية، هي طبيعة وتركيبة الحكومة التي يقودها سعد الدين العثماني، المشكلة من توليفة غريبة، إذ يضم التحالف الحكومي أحزابا بمرجعيات شديدة الاختلاف ولا خيط ناظم بينها، إذ يجتمع الإسلاميون مع الشيوعيين، وكذا اليساريين الوسطيين، بالإضافة إلى الإداريين الموالين للسلطة، فضلا عن الوزارات السيادية، فكيف يمكنها أن تنزل برنامجا حكوميا منسجما ذا رؤية موحدة؟ هذا الأمر أثار استياء الرأي العام الوطني، وما يزكي ذلك، هو الخلافات والصراعات التي طفت على سطح هذه الحكومة المشكلة من خليط حزبي، حيث تبين من وجهة نظر البعض عبثية العملية الانتخابية والاستهتار بقيمة أصوات المواطنين في رسم التشكيلة الحكومية، ما يؤدي إلى مزيد من تمييع الممارسة السياسية بالمغرب. باختصار فإن ما وصلت إليه الأحزاب السياسية حاليا يفرغها من هويتها الحقيقية وإيديولوجيتها التي كانت تروج لها أمام الناخبين، إذ يذهب أكثر من مصدر، استنادا إلى تحليلات واقعية، إلى أن السياسة في المغرب أصبحت مشخصنة، ولم تعد تقتصر على الأفكار والبرامج السياسية المقترحة لحل أزمات الصحة والتعليم والبطالة كما يفترض، بقدر ما تصاغ بمنطق «التوافقات الانتهازية» بين الأحزاب، وصار النقاش في الساحة السياسية وداخل الأحزاب ذاتها يختصر في التسابق للحصول على الحقائب الوزارية والمناصب والامتيازات بمختلف أنواعها وأصنافها. ويرى أكثر من محلل سياسي، أن التسابق نحو الحقائب الوزارية، وما نتج عنه من صراع قوي، جعل الوظيفة الوزارية ريعا من قبل الأحزاب الصورية التي لا تستطيع جمع حتى 200 شخص خلال تجمعاتها الحزبية، ولقاءاتها التنظيمية. وقد أعلن عن موت السياسة قبل الخطاب الملكي، ذلك أن جل الأحزاب السياسية، لم تصل بعد إلى مرحلة الوعي التاريخي الذي تقتضيه المرحلة، إذ لا يزال البلد يعيش مرحلة التوازنات العامة والتوافقات وراء الستار والوصولية طلبا للمناصب، في حين يتم تجاهل القضايا الأساسية، التي تؤرق حياة المواطنين، من صحة وتعليم وشغل وسكن. وتذهب وجهات نظر أخرى إلى القول، إن مسلسل الانتقال الديمقراطي تم إجهاضه بسبب ضعف النخب، التي تعتقد أنها تملك الحقيقة، وتحاول التموقع إلى جانب الطرف الرسمي، الشيء الذي يعني أن البلاد تعيش أزمة نخب، وباتت غير قادرة على تخريج نخبة سياسية كفؤة ونزيهة، يمكنها أن تقود سفينة البلد إلى شاطئ الاستقرار والتنمية والديمقراطية. الفراغ يملؤه الفاسدون عندما تعجز الساحة المجتمعية عن دفع نخب جديرة بتمثيلها إلى سدة السلطة، بغرض إنقاذها من شقائها، فإن الفراغ يملؤه الفاسدون وعديمو الكفاءة، وتضيع بذلك فرصة التغيير. وأظهرت التجارب السياسية السابقة بالملموس، أن جميع الأحزاب السياسية تفتقد للكفاءات اللازمة للتعامل مع مشاكل البلاد العويصة، وتستغل مناصبها الرفيعة فقط في نظر البعض في التمتع بالرواتب السمينة والتعويضات وامتيازات الوظائف الرفيعة. وبما أن الأحزاب تفتقد لنخب الكفاءة والنزاهة، فإنه لا ينتظر منها تحقيق أي نتائج إيجابية. والآن، وبعد الحمولة السلبية التي حملها خطاب العرش حول الأحزاب، هل يجرؤ «شي زعيم» من الزعماء الكثر على إعلان تقديم استقالته، ومنح مفاتيح الحزب إلى شخص ذي كفاءة ونزاهة، ليس همه المنصب الحكومي، كما هو شأن أحد الزعماء، الذي ظل وزيرا منذ 2002. عبد الله الكوزي

زعماء المناصب يرفضون الرحيل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ربحة ولا ذبحة

اغتصاب رجال وتصويرهم في أوضاع جنسية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات