الفنانون في الحسيمة… الزيارة الزوبعة

الصباح تنقل التفاصيل الكاملة وكواليس الرحلة المثيرة للجدل إنجاز: نورا الفواري تعرضت الرحلة القصيرة التي قام بها مجموعة من الفنانين إلى الحسيمة الأربعاء الماضي، إلى حملة شرسة من قبل بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية والاجتماعية، التي اعتبرت أنها زيارة غير مناسبة في هذا التوقيت الذي يعيش أهل الحسيمة حزنا كبيرا على أبنائهم المعتقلين في السجون. «الصباح» كانت ضمن الوفد الذي زار الحسيمة بدعوة من المكتب الوطني للسياحة، وجاءت إليكم بهذه المشاهد من الرحلة مثلما عاينتها، وليس من سمع كمن رأى. تفاصيل الرحلة في الورقة التالية: بعد حوالي ساعة ونصف من الطيران، وصل وفد الفنانين والإعلاميين، «أصحاب» رحلة الحسيمة، إلى مطار المدينة، في زيارة أثارت زوبعة من الجدل والانتقادات، بعد أن اعتبرها عدد كبير من «المناضلين الفيسبوكيين»، إضافة إلى المواقع الإلكترونية، «رحلة العار»، التي أريد من ورائها التغطية على ما يقع في الريف من احتجاجات. الوفد، الذي كان يضم عددا من الفنانين على رأسهم نبيل الخالدي ومحمد وعبد العالي الغاوي ومحمد الخياري وعبد الله الداودي وفاطمة تيحيحيت، وآخرون، لم يكن مطمئنا كثيرا إلى ما يحدث، خاصة بعد أن بدأ الفنانون يتناقلون في ما بينهم، وهم على متن الطائرة، الأخبار المتداولة عبر الإعلام والمواقع الاجتماعية، والتي صبت جام غضبها عليهم ووصفتهم بأقدح النعوت وهيّجت عليهم الشارع والرأي العام، إلى درجة أن البعض منهم تصوّر أن أهل الحسيمة سيكونون في انتظارهم أمام المطار، بالحجارة، أو على الأقل ب»البيض» و»مطيشة»، قبل أن يجدوا أن خيالهم جمح بهم بعييييدا... وأن لا شيء من ذلك حدث أو سيحدث. رحلة بعيدة عن الاستجمام أثناء الوصول إلى الفندق، وجد الفنانون استقبالا حارّا من الموظفين والمستخدمين، إضافة إلى العديد من المقيمين فيه من أبناء الجالية الريفية في الخارج، التي تزور المدينة للاستمتاع بالعطلة الصيفية مثل كل سنة، مما جعلهم يتخففون تدريجيا من الضغط الذي تعرضوا إليه في بداية الرحلة التي لم تدم أكثر من 24 ساعة، كان الغرض منها أولا وأخيرا الترويج لمدينة الحسيمة سياحيا والدعوة إلى زيارتها، ولم تكن أبدا رحلة استجمام «فاخرة»، كما تناقل بعض «الفيسبوكيين». تقول مسؤولة من المكتب الوطني للسياحة، الذي أشرف على هذه الرحلة، في لقاء مع «الصباح»، إن الفنانين خير سفراء لبلدانهم، ويحظون بمحبة خاصة من الجمهور بمختلف فئاته وثقافاته ولهجاته، وبالتالي ارتأينا أن نروّج من خلالهم إلى وجهة الحسيمة، التي تعاني اليوم، في عز الموسم السياحي، من تراجع كبير في نسبة الإقبال عليها، علما بأن موسم الصيف هو الوحيد الذي تنتعش فيه المدينة وتعرف دينامية اقتصادية وتجارية. «أردنا من خلال تنظيم هذه الرحلة، أن نقول إن المدينة بدأت تهدأ وتستقر، وإن الأوضاع ليست خطيرة، كما أن الأمور ليست منفلتة مثلما يتصور البعض»، تقول. الحسيمة "لايف" بعد استراحة قصيرة جدا، وتناول الغذاء في أحد مطاعم المدينة، ذهب الوفد في رحلة عبر أحد اليخوت، من أجل التعرف على المؤهلات السياحية للحسيمة، وهي الرحلة التي دامت حوالي ساعتين في البحر، استمتع خلالها الفنانون بالجمال الخلاب للمنطقة والتقطوا الصور و»الفيديوهات» و»اللايفات» التي تناقلوها مع متتبعيهم ومعجبيهم عبر صفحاتهم الشخصية على «فيسبوك» و»إنستغرام»، قبل أن يعودوا أدراجهم، لينتقلوا مباشرة بعد ذلك إلى زيارة وسط المدينة ولقاء السكان والشارع. الفنانة فاطمة الزهراء قرطبي، كانت أولى المتحمسات للقاء سكان الحسيمة ومشاطرة الحديث معهم، خاصة أنها من أشد الفنانات المتضامنات مع الحراك في الريف، ولديها مواقف واضحة وثابتة إزاء ذلك. تقول في حديث إلى «الصباح»: «والدتي ريفية. وتربيت في كنف جدي الريفي الوسيم ذي العقلية المنفتحة والأفكار الحداثية، الذي تعلمت منه الكثير من القيم الجميلة. لذلك أعتبر نفسي ابنة الريف وأفتخر بذلك، كما أنني مع مطالب المحتجين وأجدها مشروعة، ومع إطلاق سراح المعتقلين»، وتضيف «زيارتنا كفنانين إلى المدينة ليست بغرض الاستجمام ولا علاقة لها بالحراك. هي فقط من أجل الترويج لهذه الوجهة من الناحية السياحية». قرطبي التي تعرف إليها الجمهور من خلال برنامج «أراب أيدول»، والمعروفة بأداء الأغاني الطربية والقصائد الصوفية، أجهشت بالبكاء مرات عديدة، وكانت كلما التقت أحد أهالي الحسيمة، تبرّر له سبب الزيارة، وترجوه أن يتفهم أنها ليست ضد الحراك وليست ضد المطالب المشروعة للسكان. "مرحبا بالفنانين... لكن الفرح غاب عنا" ومن قلب ساحة الشهداء، منبع ومركز الاحتجاجات التي بدأت قبل أكثر من 7 أشهر، بدأ تفاعل السكان مع الفنانين. معظمه كان إيجابيا. الغالبية رحبوا بوجود الفنانين والتقطوا معهم الصور فرحين بوجودهم بينهم. البعض الآخر، اكتفى بالتفرج من بعيد، ولم تبد على وجهه أي ارتسامات معينة، لا بالترحيب ولا بغيره. امرأة في حوالي الأربعينات من عمرها، التقتها «الصباح» مرفوقة بابنتيها الصغيرتين لدى بائع «التشورو»، المقابل للساحة، والذي التقط الفنانون معه العديد من الصور، قالت ل»الصباح» والدموع تغالب عينيها والحشرجة بصوتها: «مرحبا طبعا بكل الفنانين في الحسيمة. كان بودنا أن نفرح بهم، لكن الفرح غاب عنا منذ زمن. كيف نفرح وأبناؤنا في السجون والأمن يعنّفنا. ابنتي الصغيرة أصبحت مرعوبة من رؤية رجال الأمن بعد أن عنّفها أحدهم وهي ترفع الشعارات المناصرة للمعتقلين. أردت أن أعرضها على طبيب نفسي لكن لا وجود له في الحسيمة. كنا نتمنى لو أن الفنانين فعلوا مثلما فعل مارسيل خليفة، وأعلنوا تضامنهم مع الفنانة سيليا التي تعاني في السجن. لا أجد أن الوقت مناسب لمثل هذه الزيارة». الخياري وتيحيحيت... نجما الزيارة لكن، رغم الوجع الظاهر، وسحابة الحزن التي تخيم على المدينة ككل، فرح بعض أهل الحسيمة بوجود الفنانين بين ظهرانيهم وسارع العديدون لالتقاط الصور معهم، خاصة من الأطفال. الفكاهي محمد الخياري، كان نجم الزيارة، بدون منازع. الكل يعرفه، والكل يريد صورة معه، وحتى المارون بسياراتهم من أمامه، ينادونه باسمه ويلقون عليه بالتحية ولو من بعيد. يقول الخياري، في تصريح ل«الصباح»: «أزور الحسيمة كل سنة تقريبا، إن لم يكن في إطار العمل، فمن أجل العطلة رفقة عائلتي، لذلك يعرفني الناس كثيرا هنا. جمهور الحسيمة والريف عموما أظهر لي حبه غير ما مرة خلال السهرات أو الجولات الفنية التي كانت تقودني إلى المنطقة. وأنا أكن له الحب نفسه». الفنانة الرقيقة والمتواضعة فاطمة تيحيحيت أيضا، لا تقل شعبية عن الخياري في الحسيمة، إذ حظيت بحصة الأسد من الصور وعبارات الإعجاب والثناء من أهلها. تقول ل»الصباح»: «عدا أنني أمازيغية، جمهور الحسيمة يكن لي الكثير من الودّ منذ سهرات الأقاليم التي كنا نحييها قبل أكثر من 20 سنة، ولم يسبق له أن تعامل معي بطريقة فظة». الغاوي: "ريافة رجال" من جانبهم، التقط الفنانون عبد العالي أنور وطارق برداد وخالد بناني العديد من صور «السيلفي» مع المعجبين، والشيء نفسه بالنسبة إلى الفنان القدير محمد الغاوي الذي اشترى أول سيارة في حياته من «كاشي» سهرة أقامها بالحسيمة، والذي كان مرحّبا بالمعجبين متواضعا معهم، وشدد في جميع تصريحاته على أن أبناء الريف «رجال»، وأن المغاربة كلهم منضوون تحت راية «الله، الوطن، الملك». شقيقه الفنان الجميل والأنيق، عبد العالي الغاوي، رغم تخوفه في البداية من الزيارة، بسبب الحملة التي شنتها وسائل الإعلام ضد الفنانين، إضافة إلى بعض الصفحات «الفيسبوكية»، إلا أنه كان سعيدا بلقاء السكان وبزيارة المدينة التي يعتبرها من أجمل المناطق السياحية في المغرب. من جهته، اعتبر المغني الشعبي طارق برداد، نجم مجموعة «فايف ستار»، أن الزيارة ولقاء سكان الحسيمة، لم تكن لهما أهداف سياسية بقدر ما كانا مبادرة من أجل تشجيع السياحة في المدينة، متمنيا أن تكون أقدام الفنانين أقدام «الربح والهدوء والاستقرار»، بالنسبة إلى المنطقة. لقطات بناني كان الفنان الشعبي خالد بناني حريصا على تذكير وسائل الإعلام بانتمائه الريفي من ناحية والدته، كما عبّر في أكثر من تصريح ولقاء على أنه مع المطالب المشروعة للحراك. بناني لم يتمالك دموعه وهو يستمع إلى بعض الأهالي، الذين عبروا عن ترحيبهم بجميع الفنانين، لكنهم اعتذروا لأنهم لا يستطيعون أن يفرحوا بهم في ظل الأوضاع التي يعيشونها. > براني ابنة الناظور كوثر براني، انتقلت إلى الحسيمة رفقة خطيبها، لتكون ضمن وفد الفنانين الذين يزورون المدينة ويروجون لها سياحيا. خريجة «أراب أيدول»، وقبله «استوديو دوزيم»، استاءت مما كتبته بعض وسائل الإعلام من أن الفنانين يرغبون في الركوب على أوجاع الناس من أجل الشهرة، واعتبرت أن لا أحد يمكن المزايدة على «ريفيتها»، مضيفة أن الهدف هو الترويج لوجهة المدينة من الناحية السياحية، وهي مبادرة طيبة في حد ذاتها. > قرطبي حرصت الفنانة فاطمة الزهراء قرطبي على مواكبة كل ما يكتب حول الزيارة على «فيسبوك» والمواقع الإلكترونية وإطلاع باقي الفنانين عليها. وكانت كلما قرأت مقالا منتقدا شعرت بالغبن والظلم، خاصة أنها من أشد المناصرين للحراك في الريف. قرطبي، الفنانة «المناضلة»، حاولت بشتى الطرق إقناع بعض الفنانين الذين كانوا يخالفونها الرأي بوجهة نظرها، لكن محاولاتها كانت تبوء بالفشل في كل مرة، خاصة أن أغلب الفنانين غير «مسيّسين»، ويحمل جلهم شعار «كولو العام زين» في كل خرجاتهم الإعلامية. > "لا للعسكرة" لم يتردد واحد من أهالي الحسيمة، الذي كان مارّا بسيارة أجرة بالقرب من محمد الخياري الذي كان يلتقط الصور مع بعض المعجبين، في أن يناديه باسمه بأعلى الصوت، وهو يقول له «الخياري... لا للعسكرة». وهو ما تجاوب معه النجم الفكاهي بابتسامة عريضة. > الداودي حرص نجم الأغنية الشعبية عبد الله الداودي، على أن لا يغادر إقامته في الفندق، خوفا من رد فعل سكان الحسيمة، إذ بعد الغداء مباشرة، دخل غرفته ولم يبارحها، إذ لم يشارك في الرحلة البحرية التي قام بها الفنانون، ولا في الزيارة التي قاموا بها إلى ساحة الشهداء بعد ذلك. ولم يظهر له أثر إلا أثناء استعداد الوفد للعودة من جديد إلى المطار. > الخياري رفض محمد الخياري الالتحاق بالوفد من أجل الرحلة البحرية التي قام بها على ظهر أحد اليخوت، لأنه يعاني دوار البحر، وفضل انتظار عودة الوفد من أجل مشاركته زيارة المدينة، التي كان نجمها بامتياز. > غياب غاب العديد من الفنانين الآخرين عن رحلة الحسيمة، إذ اعتذر البعض منهم بسبب مشاغلهم وارتباطاتهم الفنية، في الوقت الذي علمت «الصباح» أن عددا كبيرا منهم كان متخوفا من رد فعل السكان والجمهور، من بينهم عبد الحفيظ الدوزي وفاطمة الزهراء العروسي وسعيدة شرف... > الخالدي كان الملحن نبيل الخالدي، المكلف بوفد الفنانين الزائرين للحسيمة، حاضرا في جميع تفاصيل الرحلة ومتوفرا في جميع الأوقات وحريصا على كل «شاذة وفاذة» تتعلق بالفنانين، كما كان حريصا، رغم مرضه، على أن يشارك في جميع الأنشطة المتعلقة بالزيارة، فيما عدا زيارة ساحة الشهداء التي غاب عنها بعد تعبه وإعيائه الشديد بعد الرحلة البحرية التي دامت أكثر من ساعتين.

الفنانون في الحسيمة… الزيارة الزوبعة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الوردي يدافع عن قانون المساعدة على الإنجاب

فيديو .. جماهير أجاكس أمام منزل نوري

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات