الأحـزاب خرجـت ولـم تعـد

أطالت انتظارات الريف بحروب الاستوزار وعندما تحركت اشتعل فتيل المواجهات تاهت الأحزاب، أغلبية ومعارضة، في دروب احتجاجات الريف، ولم تكن موفقة في مهمة نزع فتيل الأزمة منذ بداية الرحلة إلى الشمال، خاصة عندما أجمعت أحزابها بعد لقاء مع وزير الداخلية على وصف المحتجين بالانفصال، معلنة بداية جولة محفوفة بالمخاطر مازالت الحكومة تحاول إنهاءها بأقل الأضرار. ولم يجد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، بداية الأسبوع الجاري، بدا من لقاء منتخبي جهة طنجة تطوان الحسيمة، بحضور إلياس العماري، رئيس المجلس الجهوي، والوزراء المعنيين بتتبع المشاريع التنموية بالإقليم، بمقر رئاسة الحكومة وذلك بتوجيهات ملكية بفتح نقاش صريح وتبادل وجهات النظر وتسليط الضوء على مختلف الجوانب حول أحداث إقليم الحسيمة. وشدد العثماني على أن الحكومة من واجبها أن تستجيب للمطالب المشروعة للسكان في حدود الإمكانيات المتوفرة، عبر مقاربة تشاركية من أجل حل جميع الإشكالات المطروحة ونهج الحوار والإنصات للمواطنين، لكن بالمقابل فإن الحكومة معنية بالحفاظ على الأمن العام والثوابت الوطنية وتطبيق القانون وحماية الممتلكات العامة والخاصة، مسجلا أن المشاكل الكبرى للجهات والوطن يجب أن تحل بنفس وطني بعيدا عن الحساسيات السياسية الضيقة أو الحزبية أو الفئوية المنغلقة، داعيا الجميع إلى التجند في القضايا الكبرى من أجل التعاون على مصلحة البلاد. ولم يقف الملك عند حدود التقرب إلى الريف بالخطاب بل تولى بنفسه ترجمة رؤية جديدة للشمال المغربي ، عبر زيارات متكررة للريف، خاصةً بعد زلزال الحسيمة، لكن اعتماد الدولة بعد ذلك على وسطاء مع السكان لم يخدم التوجهات الملكية والتدابير الإدارية الرسمية، ومع ذلك أدرك سكان الريف واقتنعوا بالرغبة الملكية في المصالحة مع المنطقة، لكن الأمور لم تتقدم كما أريد لها، نظرا بغياب المتابعة والمواكبة الإدارية للمشاريع الملكية الكبيرة، وعدم صواب قرار مراهنة الدولة على وضع قنوات خاصة للتحاور مع أهل الريف،إذ لم يكن ضروريا أن تعتمد الدولة على وسطاء غير المؤسسات. ولم تكن تلك هي المحاولة الأولى للعثماني من أجل تجاوز كبوة بلاغ التخوين، إذ حث، قبل أسبوعين، وزراءه على تتبع المشاريع التي يجري إنجازها بالإقليم ، كل حسب القطاع الذي يشرف عليه، وذلك تفاعلا مع المطالب التي رفعها المحتجون، والرامية إلى التسريع من وتيرة إنجاز عدد من المشاريع. ورغم محاولة التراجع تبدو مسؤولية الحكومة قائمة في ما وقع، إذ اعتبرت فعاليات الحسيمة أن نقطة التحول في مسار الاحتجاجات التي كانت في غالبية محطاتها سلمية بمطالب اجتماعية تنموية، حدثت عندما أصدرت أحزاب الأغلبية بلاغا يحمل اتهاما عاما يخون أهل الريف، وأن الحكومة وقعت في مستنقع الحرب بين الأغلبية والمعارضة، وتجاهلت أصوات المطالبين، منذ جنازة الراحل محسن فكري، بضرورة التفاعل الإيجابي مع ما يجري بتفعيل المشاريع في أجندات زمنية واضحة ومحددة يكون الهدف منها العمل على إدماج سكان المنطقة في مسار التنمية الذي تشهده البلاد. أكثر من ذلك فقد وصفت تصريحات أحزاب التحالف الحكومي بالتهور لأنها تضمنت كلاما يفتقد إلى الدقة والموضوعية، إذ كيف يمكن وصف أبناء الريف، الذين دافعوا عن الوطن بدمائهم، بالانفصاليين، خاصة أن الجميع يعرف أن الناس هناك وحدويون، وأن ذلك ما أشعل فتيل الغضب من العبارات الواردة على لسان قياديين في التحالف الحكومي. ياسين قُطيب

الأحـزاب خرجـت ولـم تعـد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رونار يبعد ماحي وأيوب

بـوق لـقـنـاة الجـزيـرة

مقالات ذات صلة