التاج: مقترح الداخلية لا علاقة له بمعيار الشباب المتعارف عليه

قال إن المقاربة المعتمدة في التحضير لانتخابات 25 نونبر لا توفر ضمانات التفاؤل قال كريم التاج، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إن المنطق الذي اشتغلت به وزارة الداخلية فيما يهم اللائحة الوطنية، أفضى إلى وضع غير صحي وأفرغ اللائحة الوطنية من محتواها التقدمي، إذ بدأنا نلاحظ نوعا من التهافت على الحصص، مقابل التشدد في التشبث بما صار يسمى مكتسبا، مشيرا إلى أن الصراع الدائر حول اللائحة ناتج عن هذا الارتباك الذي ميز المقاربة المعتمدة في الموضوع.واعتبر عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن المؤشرات الحالية الخاصة بالتحضير للانتخابات "لا توفر ما يكفي من الضمانات التي تسمح بالتفاؤل بأن مجلس النواب سيعرف تجديدا قويا للنخب". يجري النقاش حاليا بشأن القوانين الانتخابية حول "كوطا" الشباب في اللائحة الوطنية. هل ترى أن منطق الكوطا سيوفر تمثيلية حقيقية لهذه الفئة داخل البرلمان مستقبلا؟المقاربة المعتمدة في الإعداد للانتخابات المقبلة، خاصة على المستوى القانوني، تعتريها العديد من النواقص والاختلالات، وسوف لن تمكن من تحقيق الهدف المنشود بتنظيم انتخابات ديمقراطية وشفافة، تحظى بمشاركة واسعة وتعبئة وطنية قوية، وتمكن، في نهاية المطاف، من إفرازات مؤسسات سياسية متينة بنخب جديدة كفؤة ونزيهة وقادرة على مجابهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتقافية التي تنتظر البلاد، وعلى تعزيز وتطوير مكانة المغرب في محيطه الجهوي والدولي، كدولة ديمقراطية حديثة، قادرة على تحقيق شروط العيش الكريم وتحتكم إلى المبادئ الديمقراطية وقيم حقوق الانسان والحرية والمساواة.ولعل من أبرز مظاهر الاختلال الذي أشرت إليه، الكيفية والصيغ الذي تم بها، حتى الآن، تدبير موضوع اللائحة الوطنية، كآلية للتمييز الإيجابي، إذ توالت العديد من الصيغ والاقتراحات المتناقضة بارتباك واضح، إلى أن استقر الأمر على الصيغة المضمنة في مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب، كما صادق عليه المجلس الوزاري الأخير، فأصبحنا أمام لائحة وطنية من 90 مقعدا موزعة على النساء بنسبة الثلثين، والرجال أقل من 40 سنة بنسبة الثلث !!! والباعث على الاستغراب بالنسبة إلى هذه الصيغة هو ما تثيره من أسئلة في موضوع تمثيلية الشباب: هل الشباب أولا مطلوب بالنسبة للذكور وغير مرغوب فيه بالنسبة للإناث؟ وكيف تبرر وزارة الداخلية الانتقال من سن 35 إلى 40 سنة؟... علما أن سن الشباب المتعارف عليه دوليا لا علاقة له بما تم اقتراحه ...أعتقد أن مصلحة البلاد تقتضي إيجاد مخرج لهذه الوضعية، وهو أمر ممكن داخل البرلمان، حتى نذهب في اتجاه لائحة وطنية موسعة أكثر، تتقدم بالتمثيلية النسائية في أفق المناصفة وتدمج نخبا وكفاءات جديدة وشابة من الجنسين. ألا يثير هذا المنطق مخاوف بشأن تكريس «الريع السياسي» تحت يافطة إشراك الشباب في المؤسسة التشريعية؟المنطق الذي اشتغلت به وزارة الداخلية في هذا الموضوع أفضى إلى وضع غير صحي وأفرغ اللائحة الوطنية من محتواها التقدمي، إذ بدأنا نلاحظ نوعا من التهافت على الحصص.... ونوعا من التشدد في التشبث بما صار يسمى مكتسبا. وفي ظل هذا المناخ انحرف النقاش عن أهدافه الحقيقية. فصلب الموضوع أننا في مرحلة دقيقة وصعبة من تاريخ بلادنا، نحن مطالبون فيها بالإسراع في تنزيل جريء لمضامين الدستور وروحه، بدءا بانتخابات مجلس النواب المقبل، كلحظة تأسيسية قوية لدولة الديمقراطية والحداثة، تستوجب بالضرورة انتخابات غير مسبوقة في تاريخ البلاد، وذلك لن يتأتى إلا بتدابير إرادية ومبادرات جريئة، توفر ما يكفي من الضمانات، التي تسمح بتعبئة المواطنين والمواطنات للمشاركة، وتسهم فعلا في إدماج نخب جديدة في الحياة السياسية والمؤسساتية، ومنها الكفاءات المغربية خارج أرض الوطن. وغير مسموح لنا أن نخطئ هذا الهدف وإلا فالأخطار التي تحدق بمستقبل البلاد ستتزايد ويصعب تدبيرها. ما هي، في اعتقادكم، المعيقات التي تحد من حضور الشباب في السياسة عموما وداخل الأحزاب على الخصوص؟لا أعتقد أنه من الصواب مقاربة هذا الأمر بمعزل عن الوضع العام للشباب في المجتمع ككل. عندما نتحدث عن الشباب في السياسة والأحزاب، وفي غيرها من المجالات، نحن بصدد الحديث عن فئة عمرية غير متجانسة طبقيا وثقافيا، وهي في الغالب نتاج نظام تعليمي وتكويني ندرك جميعا نواقصه، وبالتالي فإن سمة العزوف التي تطبع علاقة الشباب بالسياسة، مؤشر مقلق ينبغي الاشتغال عليه بكيفية جدية وبسرعة. ومن الخطأ تحميل المسؤولية الكاملة للأحزاب السياسية التي غالبا ما تقدم وكأنها عاجزة عن استقبال الشباب أو غير راغبة في ذلك... وأنا أتحدث هنا عن الأحزاب الجادة، ومنها حزب التقدم والاشتراكية، حيث يمكن أن أسجل بكل اعتزاز أنه في الثلاث سنوات الأخيرة بالخصوص، وتحديدا منذ الندوة الوطنية لسنة 2008، التقينا عشرات المئات من الشباب في إطار فعاليات ومنتديات حزبية وشبيبية متنوعة، يكون لنا دائما معهم نقاش جاد وقوي وصريح ... نتفق ونختلف، ولكن لم يسبق أن وجهت لنا الإدانة... بل تحضرني لحظات تتكرر في مخلتف لقاءاتنا الحزبية حيت يتسابق الشباب على أخذ الصور التذكارية مع قيادات الحزب، ويصر بعضهم على استكمال النقاش الصريح خارج الفضاءات التي تحتضن الأنشطة والعديد منهم يلتحقون بصفوف الحزب، وفي هذا الأمر دلالة على أن الأحزاب ذات المصداقية قادرة على تعبئة واستقطاب الشباب، دون أن نغفل الصعوبات والإكراه الذي يحد من أداء وفعالية الأحزاب السياسية والتي مردها الى أسباب تاريخية وموضوعية معروفة ولا داعي للرجوع إليها.إن المسؤولية في هذا الموضوع متقاسمة بين الدولة والاحزاب الجادة والشباب نفسه، فهو مطالب باقتحام مجال الفعل في الشأن العام وفق الشكل والتعبيرالذي ينسجم مع ميولاته وشخصيته، وخير مثال على ذلك الدينامية المجتمعية الهائلة التي أطلقتها حركة 20 فبراير بفعل ضغطها الايجابي والبناء على الدولة وباقي المؤسسات، من أجل تسريع وتيرة التغيير والإصلاح. وتبقى الدولة بمؤسساتها المختلفة مؤتمنة على سن السياسات العمومية والبرامج والمقاربات اللازمة لتجسير الهوة بين الشباب والسياسة. وهذا أمر ممكن شريطة توفر الإرادة السياسية الضرورية وهي موجودة ومعلنة بوضوح في العديد من الخطب الملكية. بالنظر إلى النقاش الجاري حاليا حول موعد 25 نونبر، هل ترون بوجود مؤشرات انتخابات تساعد على تجديد النخب البرلمانية؟بكل أسف نسجل أن ما تم التوصل إليه حتى هذه اللحظة لا يوفر ما يكفي من الضمانات التي تسمح بالتفاؤل بأن مجلس النواب سيعرف تجديدا قويا للنخب، خاصة إذا أخدنا بعين الاعتبار المعطيات المتوفرة حتى الآن، وهي غير نهائية طبعا ونتمنى ذلك، (المعطيات) المتعلقة بالتقطيع الانتخابي إذ يتم الحديث عن ما يناهز 58 في المائة من الدوائر المحلية تضم بين اثنين وثلاثة مقاعد، والتوجه نحو تقسيم عدد مهم من الدوائر التشريعية الأخرى، التي يتجاوز عدد مقاعدها 6، إلى دائرتين ... ففي ظل هذا الوضع سنكون أمام نمط اقتراع أحادي اسمي (مقنع) لا علاقة له بنمط الاقتراع اللائحي النسبي الذي يفترض اجراء انتخابات في دوائر واسعة بعدد مقاعد مرتفع، حتى نتمكن من جعل مهمة تجار الانتخابات في شراء الأصوات صعبة أو مستحيلة، ونضمن التنافس بين البرامج والمشاريع، والأطر الحاملة لهذه المشاريع. مصلحتنا الحزبية الضيقة تدفعنا إلى المطالبة بالحفاظ على التقطيع الانتخابي الحالي في العديد من الدوائر عبر كافة التراب الوطني التي يتوفر فيها مرشحو حزبنا على حظوظ وافرة للفوز، قد تتأثر في حال اعتماد تقطيع مغاير، ومع ذلك فالذي يهمنا هو مصلحة الوطن، وهي تقتضي اعتماد مقاربة مختلفة تماما عما تم القيام به سنة 2007 ، إذا أردنا المشاركة الواسعة والمؤسسات القوية والنخب الجديدة. كيف يمكن لهذا التدافع بشأن تمثيلية الشباب أن يتحول إلى نقطة جذب نحو السياسة وإعادة الثقة في الأحزاب؟ من حسنات الدينامية المجتمعية الراهنة، أنها أعادت الحماس للمواطنين عموما، وللشباب بشكل خاص، في المشاركة والاهتمام بقضايا الشأن العام، ومن الطبيعي جدا أن تكون الطريق إلى ذلك هي البدء بالتعبير عن المطالب والطموحات والدفاع عنها بكل الأشكال الديمقراطية والسلمية، والبحت عن تلبية الحاجة في التنظيم وفق تعبيرات مختلفة، جمعوية ومدنية ذات اهتمامات متنوعة، أو الانخراط في التنظيمات السياسية القائمة، ولم لا، إنشاء تنظيمات جديدة... فكل هذه التطورات إيجابية وينبغي الاعتراف، مرة أخرى، للحركة الشبابية، بما فيها مكون الشبيبة الحزبية، بالفضل في هذا الأمر. غير أن هذه الدينامية في حاجة الى تأطير عقلاني يكون على قدر كبير من المسؤولية، ويعتمد خطاب الوضوح مع الشباب وينبذ الديماغوجية، لنحافظ على هذا الحماس ونطوره ونحوله إلى قوة مادية حقيقية عبر المشاركة في الانتخابات، والدفاع عن الديمقراطية والنزاهة. وهو ما يتطلب نبذ أسلوب المغازلة العقيم الذي ينهجه البعض اتجاه الشباب... وهو توجه محفوف بالمخاطرمادام أنه يقوم على خلفية التكتيك الانتخابي الظرفي ولا يأخذ بعين الاعتبار التداعيات الكارثية على مستقبل الوطن في حالة ما إذا تم خذلان الشباب مرة أخرى، ولم يلمسوا التغييرالحقيقي خلال الانتخابات المقبلة. الصراع بين الشباب والنساء خاطئكيف تقرؤون فتيل الصراع الدائر حاليا بين الشباب والنساء بشأن التمثيلية ضمن اللائحة الوطنية؟الصراع بين النساء والشباب حول (حصة) كل طرف في اللائحة الوطنية صراع خاطئ ونقاش مغلوط من أساسه، نتج عن الارتباك الذي ميز المقاربة المعتمدة في موضوع اللائحة الوطنية ككل. ونعتقد في حزب التقدم والاشتراكية أن التمييز الإيجابي المعتمد لفائدة النساء تمليه ظروف موضوعية وضرورة تدارك تأخر مجتمعي كبير في هذا الباب، إذ أن بناء الدولة الديمقراطية الحديثة غير ممكن دون مشاركة وتمثيلية منصفة للنساء، ولتمكين اقتصادي واجتماعي فعلي للمرأة. اللائحة الوطنية هي آلية اساسية لتحقيق هذا الهدف. إذن فالتأنيث الذي نحن بحاجة إليه في السياسة والأحزاب والمؤسسات هو مسألة أفقية واستراتيجية تهم المجتمع ككل. أما مقاربة التشبيب، فلا ينبغي الزيغ بها عن هدفها الحقيقي، ألا وهو تجديد النخب من الجنسين، بناء على قيم الاستحقاق والكفاءة والتفاني في خدمة الصالح العام. إننا مطالبون باعتماد الطريقة التي تسمح بمعالجة جذرية للوضعية العامة للشباب داخل المجتمع وسبل تطويرها على كافة المستويات وفي كل المجالات، وليس فقط في مجال الانتخابات. لذا أجدد التأكيد على ضرورة اعتماد لائحة وطنية موسعة لا يقل عدد مقاعدها عن ثلث أعضاء مجلس النواب على الأقل، بالتناوب بين الإناث والذكور. إن مصلحة البلاد ومستلزمات بناء المغرب الديمقراطي الحداثي تقتضي اعتماد هذه المقاربة الشمولية الجديدة الكفيلة بتجديد التعاقد السياسي والاجتماعي بناء على أسس صلبة ومتينة، قوامها مؤسسات ذات مصداقية. أجرى الحوار: إحسان الحافظي

التاج: مقترح الداخلية لا علاقة له بمعيار الشباب المتعارف عليه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الغموض يكتنف طريقة ترشيح شباب الأحزاب

مهنين: إدماج الشباب في اللائحة الوطنية غير صحيح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات