شعبانة…الجن والإنس

ظاهرة عصية على الانقراض وقابلة لتجديد وجهها الرقص وتناول مأكولات خاصة، هو الدافع اليوم للاحتفال بشعبانة، إذ خسرت الظاهرة أهم دوافعها الأصلية وهي إرضاء الجن و»مالين المكان» على حد تعبير المغاربة. لم تنجح التحولات الاجتماعية في دفع «شعبانة» نحو هاوية الانقراض، لكنها نجحت في تجميل وجهها، وأصبحت المظاهر الاحتفالية بهذه الليلة عند الأغلبية، تترجم البحث عن فرصة للفرح والرقص والاستماع إلى الموسيقى ليس في البيوت فقط، بل حتى في مقاه ومطاعم تعرض اليوم فرصا للاحتفال بشعبانة في فضاءاتها بطريقتها الخاصة. فيما مازالت أقلية قليلة تحتفي بها وفق طقوس غريبة، تذبح فيها القرابين، وتحضر فيها أنواع خاصة من المأكولات. الظاهرة تغير جلدها قد يظن البعض أن ظاهرة الاحتفال بشعبانة تسير بخطى ثابتة نحو الاندثار، إلا أن ذلك غير صحيح، إذ أن شريحة واسعة من المغاربة مازالت تعض بالنواجذ على إحياء ليلة شعبانة، وإن لم يكن في البيت كما كان يحدث سابقا، ففي الملاهي والمطاعم، التي تحرص اليوم على استغلال هذه المناسبة لتحريك عجلة اقتصادها. تختلف مظاهر وطقوس الاحتفال بالليلة من منطقة إلى أخرى، بل من عقلية إلى أخرى، وهو ما تؤكده سعاد، ربة بيت، وهي تتحدث عن «شعبانة»، «نساء العمارة لا يحتفلن بشعبانة كما عرفتها في بيتنا، بل لا يحرصن على القيام بذلك كل سنة، إذ نجتمع في شقة إحدى الجارات، بعد أداء 50 درهما عن كل بيت، ونحتفي بتناول «الكسكس» أو «الرفيسة»، وطبعا تكون هذه فرصة لتبادل أطراف الحديث، وللرقص على إيقاع موسيقى شعبية». لكن في بيت عائلة سعاد الاحتفال يتم بطريقة أخرى، حسب شهادتها، «طقوس شعبانة في بيتنا أصلية، إذ لابد من احترام نوع الوليمة، أي ذبح دجاجة بمواصفات خاصة، لإرضاء «أهل المكان»، كما تسميهم والدتي، والتي تؤمن أننا لسنا سكان البيت الوحيدين، بل هناك جيران من نوع خاص، وأن شعبانة هي اليوم المخصص لهم». إيمان عائلة سعاد بشعبانة من منطلق خرافي، لا يمت بصلة لما تؤمن به رشيدة، التي تجد في المناسبة فرصة لتتصالح نساء الدرب، «لا يمكن أن يحل رمضان والنزاعات التي تنشب أحيانا بين الجيران قائمة، إذ تكون شعبانة فرصة تجتمع فيها نساء الزقاق ويحتفلن معا، وتكون فرصة لمصالحة بعضهن، ليحل الشهر الفضيل وقد تنظفت القلوب من حقد خصامات هامشية»، تقول رشيدة، التي تقيم في المدينة القديمة بالبيضاء. وتصبح شعبانة، كذلك، فرصة ليس لإرضاء الجن، كما يعتقد البعض، بل لإرضاء الجسد الأنثوي، لتتحرر النساء من كل القيود ويجتمعن في بيت واحد للرقص والجذب بعيدا عن أنظار الرجال، «رغم أن الاحتفال لم يعد قارا بسبب تغير العادات، لكن لا يمر الشهر دون أن نسمع في إحدى العمارات إيقاعات «العونيات»، وزغاريد النساء، ليس لأنهن يحتفلن بعرس أو عقيقة أو ختان، ولكن احتفالا بأنفسهن، بقرب حلول شهر رمضان، الذي يخصص للعبادة ولصلاة التراويح» تحكي عائشة، مضيفة أن زوجها يمنعها من المشاركة في هذه الاحتفالات بمبرر أن النساء يتحالفن فيها مع بعضهن، لممارسة طقوس الشعوذة والسحر، «بالفعل قد تستغل بعضهن الفرصة لإثارة أحاديث عن مشعوذين وشوافات، لكن غالبا ما تجهضها الحاضرات ممن لا يؤمن بهذه الخرافات». ضحى زين الدين

شعبانة…الجن والإنس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

منطق التأزيم

أشغال أنبوب الغاز تصيب الجزائر بالسعار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات