كرونولوجيا أحداث اندلعت كي لا تنتهي

بدأت بوفاة سماك وتطورت إلى مواجهات واحتجاجات وإحراق وتمرد ولم تنته بأكبر حشد أمني بالمغرب أطلقت الوفاة المأساوية لمحسن فكري، أو ما أضحى يسمى "سماك الحسيمة"، الشرارة الأولى لحراك الريف، إذ تجمع مئات المواطنين والشباب ليلة 28 أكتوبر الماضي في ساحة عمومية، مطالبين بفتح تحقيق نزيه في حادث طحن بائع السمك في شاحنة للأزبال، ومحاسبة المسؤول الأمني الذي سمع يقول "اطحن مو". وفجأة، تحولت الاحتجاجات العفوية التي انطلقت من أمام مفوضية الأمن إلى اعتصام ضخم وشعارات ولافتات وانفلات، فرض على عامل الإقليم والوكيل العام لمحكمة الاستئناف النزول إلى الساحة ومخاطبة المحتجين، وتقديم وعد بفتح تحقيق نزيه في الحادث ومحاسبة جميع المتورطين فـــيه. عاد العامل والوكيل العام من حيث أتيا، دون أن يبرح المحتجون أماكنهم بالساحة نفسها، مؤكدين أنهم لم يعودوا يثقون في وعود المسؤولين، كما طالبوا بفتح تحقيق في أحداث سابقة، مثل وفاة خمس شباب احتراقا في داخل وكالة بنكية، وإطلاق سراح معتقلين، ورفع التهميش و"الحكرة" عن المنطقة برمتها. بعد أيام، صدر بلاغ للوكيل العام يؤكد فيه الانتهاء من التحقيقات في قضية مقتل محسن فكري، واعتقال أربعة من مستخدمي في شركة نقل الأزبال، ورئيس مصلحة بمندوبية الصيد البحري وتاجرين للسمك وطبيب بيطري، وخليفة وقائد ومندوب الصيد البحري. تسارعت الأحداث، فانضمت إلى الاحتجاج عائلات المعتقلين الذين بدؤوا يتجمعون أمام محكمة الإستئناف، مطالبين بإطلاق سراحهم، بدل جعلهم مجرد "أكباش فداء" لإسكات الشارع. الشارع الحسيمي لم يسكت من تلك اللجنة، وخرج المحتجون في ليلة 28 أكتوبر ولم يعودوا إلى منازلهم إلى اليوم، بل تحولت الوقفات العفوية للمطالبة بمحاكمة عادلة في مقتل بائع السمك، إلى حراك منظم بلجنة تنسيق إعلامية وملفات مطلبية وأجندة احتجاجات وقيادات محلية، برز بعضها مع اندلاع الأحداث، مثل ناصر الزفزافي. مرت نهاية السنة الماضية، ساخنة بمنطقة الريف، حيث سرعان ما انتقلت الشرارة إلى المناطق المجاورة التي بدأت تنضم رويدا إلى الحراك، كما بدأت الريف يلفت أنظار أبنائه المقيمين في الخارج الذين شرعوا يعبئون حملات مساندة ودعم مادي ومعنوي. في يناير 2017، شهدت المدينة أول تدخل عنيف ضد الحراك لفك اعتصام، دعا إليه نشطاء الريف بالساحة الكبرى، احتجاجا على تسييجا بالحواجز الحديدية وتطويقها بسيارات الأمن، إذ أصيب العشرات من المحتجين واعتقل بعضهم. واعتبر هذا الهجوم الأمني، بداية المواجهة المباشرة بين الدولة وحراك الريف، وازدادت الأمور تعقيدا بأحداث الشغب الذي شهدتها مباراة في كرة القدم بين شباب الريف الحسيمي والوداد البيضاوي، إذ اتهم النشطاء عناصر الأمن بتهييج مواطني الداخل ضدهم. وانتقلت الاحتجاجات من أجندة أسبوعية، إلى وقفات يومية تقريبا ومهرجانات خطابية يؤطرها ناصر الزفزافي الذي بدأ يثير الانتباه بملكاته الخطابية وقدرته على التعبئة، وخطاب سياسي بخلفية تمتح من تاريخ ريف عيد الكريم الخطابي. وصلت الأحداث إلى مداها، حين اعتدى محتجون على مساكن وممتلكات أمنيين بمنطقة أمزورن، وأسفر ذلك عن تفحم حافلة وأربع سيارات تابعة للقوة العمومية، وسيارة أخرى في ملك للخواص، إضافة إلى إصابة 40 فردا من القوة العمومية واعتقال 15 محتجين، ضمنهم قاصرون. وتوسعت رقعة الاحتجاجات لتشمل أزيد من 10 جماعات ومناطق وبدأت المسيرات والوقفات الاحتجاجية تشتعل في كل مكان تقريبا، ما فرض على محمد حصاد، وزير الداخلية السابق، ترك كل مشاغله في الرباط، في عز البلوكاج الحكومي، والتوجه إلى الحسيمة التي عقد بها سلسلة من الاجتماعات، كما قرر إحالة عامل الإقليم على الإدارة المركزية، وتعويضه محمد فوزي، الوالي المفتش العام لوزارة الداخلية. بعد ذلك، عصفت الاحتجاجات بعدد من المسؤولين، ضمنهم 5 باشوات و12 قائدا، كما توعدت الدولة بمواكبة انتظارات السكان وتوفير الظروف الملائمة لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة، بما يستجيب لتطلعات وانشغالات السكان. تكثفت اجتماعات وزارة الداخلية مع مسؤولي المدينة والإقليم والجهة لإيجاد حلول عاجلة لبعض الملفات المطلبية، وفتح قنوات حوار مع قيادات الحراك لإقناعهم بالتراجع والتهدئة، كما باشر والي الجهة عددا من الاجتماعات واللقاءات القطاعية، دون أن يفلح كل ذلك في التهدئة، في وقت انتشرت عدد من الأخبار والاتهامات بارتباط جزء من هذه القيادات بأجندة خارجية تريد زعزعة استقرار المنطقة والدفع في اتجاه انفصالها عن المغرب، ناهيك عن اتهامات أخرى بتوصلها بتمويلات خارجية مشبوهة. في ظل هذه التطورات، بدأت الدولة تتخلى تدريجيا عن خطة الصبر التي نهجتها منذ اكثر من ستة أشهر، وأعطت التوجيهات لإنزال أمني مكثف في المنطقة لإجبار المحتجين على فك حراكهم في انتظار نتائج الحوار حول المطالب الاجتماعية الأساسية. يوسف الساكت

كرونولوجيا أحداث اندلعت كي لا تنتهي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ضبط خمسيني متهم بالخيانة الزوجية

الرياضـة... الرئـة المخنوقـة

مقالات ذات صلة