دركيون وأمنيون في دوامة العنف

شهدت الجديدة مجموعة من الاعتداءات على أمنيين أثناء أدائهم لمهامهم الوظيفية، تطورت من تمزيق هندامهم الرسمي إلى إيذاء جسدي استدعى مكوث البعض منهم في مصحات للعلاج لفترات طويلة. فالجديدة لم تعتد أبدا على هذا السلوك الذي يتجرأ على المؤسسة الأمنية بما تمثله من رمزية في أذهان الناس منذ حصلت بلادنا على استقلالها. لقد اعتادت المدينة أن يحكمها شرطي واحد، وهي التي تتذكر الزاوية والراوي ومامي وولد علال وغيرهم ، لكن قبل 10 سنوات انتهكت حرمة الأمن وراحت المدينة والإقليم يهتزان على وقع أخبار اعتداءات على أمنيين من رتب مختلفة ، وفي كل مرة يكون الفاعلون من ذوي السوابق المبحوث عنهم في قضايا مهلوسات واتجار في المخدرات. قبل 6 سنوات كانت عناصر من الشرطة القضائية تترصد عنصرا خطيرا بحي المويلحة، موضوع مذكرة بحث على الصعيد الوطني في شأن تزعمه لعصابة تنشط في بيع المحظورات واعتراض السبيل. كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد الزوال وبحي المويلحة تلقى أمنيون خبر وجوده، انتقلوا لإيقافه على وجه السرعة، ولما اقتربوا منه استل سيفا كان يخفيه تحت ملابسه، وسدد ضربة قوية إلى أحد عناصر الشرطة القضائية على مستوى اليد ، وكانت الضربة من القوة التي كادت أن تحدث للأمني عاهة مستديمة، ودام الصراع معه طويلا قبل التمكن منه وتصفيده وعرضه على العدالة التي أدانته ب5 سنوات نافذة. وبين الفينة والأخرى طالعتنا أخبار اعتداءات متفرقة على أمنيين أبطالها في كل المرات تحت تأثير "القرقوبي"، لكن الاعتداء الصارخ هو الذي شهده دوار المنادلة بتراب جماعة مولاي عبدالله ، كان ذلك خلال 2012 عندما اتخذت عمالة الجديدة قرارا يقضي بهدم 15 منزلا بالدوار ذاته، هي منازل بنيت بطريقة عشوائية، وفي غفلة من رئيس دائرة جرى التشطيب عليه أخيرا من أسلاك وزارة الداخلية بعدما تم تنقيله إلى إقليم آخر. اتخذت السلطات قرارها سالف الذكر في سرية تامة واختارت صباحا باكرا لمداهمة الدوار فجأة حتى لا تصدر مقاومة تذكر، لكن قرار العمالة وصل بطريقة أو بأخرى إلى سكان دوار المنادلة ليلا، فتهيؤوا لمواجهة صريحة مع الأمن والسلطات، إذ قاموا تحت جنح الظلام بتحصين الدوار بمتاريس من الأحجار والأشواك والإطارات المطاطية واقتنوا كميات مهمة من البنزين لإشعال حرائق في كل من سولت له نفسه الدنو من الدوار. حلت الساعة الصفر وكانت السابعة صباحا ، تحركت جرافات العمالة يتقدمها رئيس الدائرة السالف الذكر وخلفهما عناصر تدخل من الدرك الملكي. لحظة قصيرة بدأت السماء تمطر حجارة على الأمنيين والسلطات وسط شعارات تحرض على العصيان وإباحة دماء رجال الدرك في أكبر عملية اعتداء على القوات العمومية في تاريخ الجديدة. تراجع الأمنيون لحظة لاتخاذ القرار المناسب في مثل هذه اللحظة الحرجة، لكن ذلك اعتبره سكان دوار المنادلة استسلاما وهزيمة، فضاعفوا من الحجارة، وتحولوا إلى هائجين سكبوا البنزين على سيارة الدولة التي كان يمتطيها رئيس الدائرة وأحرقوها عن آخرها وأخذوا صورا تذكارية بجانب ماتبقى فيها من أشلاء حديدية ، قبل أن يصيبوا قائد سرية الدرك الملكي بحجر تسبب له في كسر في كتفه تطلب خضوعه لفترة علاج فاقت الشهر والنصف. تراجع الأمنيون وولت الجرافات الأدبار، لأن الأمر كان يعني دوارا هيأ نفسه لاعتداء ممنهج على أمنيين ووفر لذلك كل الوسائل الضرورية في الاعتداء. التقطت كاميرا الدرك وجوها من المهاجمين الذين أحرقوا السيارة وكسروا كتف القبطان ، وأسفرت عملية تمشيط عن إيقاف البعض منهم من قبل المركز القضائي للدرك الملكي ، قبل الاستماع إليهم في محاضر رسمية وعرضهم على المحكمة في حالة اعتقال والتي أدانتهم بعقوبات حبسية بين سنتين وثلاث سنوات. لكن هذا الاعتداء ترتب عنه تنام سريع للبناء العشوائي بهذا الدوار وبكل الدواوير المجاورة له بل كانت حادثة المنادلة ضوءا أخضر لتســــونامي بناء عشوائــي عم كل تراب الإقليم، ودفع السلطات الأمنية إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة في جميع عمليات التدخل التي جاءت بعد المنادلة. عبد الله غيتومي (الجديدة)

دركيون وأمنيون في دوامة العنف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التعاقد مع موظف مدان بالرشوة

مدونة للتبليغ رهان المفوضين القضائيين بإفريقيا

مقالات ذات صلة