جنس وقتل للاستفراد بالثروة

سيناريوهات وخطط قناص الوحيش والزوجة الحرباء لتنفيذ الجريمة الكاملة اقتصرت إعادة تمثيل جريمة قتل مرداس رميا بالرصاص، على مشاهد التنفيذ المادي للجريمة، باستعراض حركات السيارة التي استعملها الجانيان، المتهم الرئيسي هشام مشتري، نائب رئيس مقاطعة سباتة، وابن أخته، الذي مازال هاربا بعد أن فر إلى تركيا، وطريقة اعتراض سيارة النائب البرلماني، قبل إزهاق روحه في ثوان ببندقية قناص محترف، خبر فنون إطلاق الرصاص، واستعمال البنادق. إنجاز: المصطفى صفر لم يعلن للرأي العام، أمس (الأحد)، أثناء تقليد مشاهد تصفية مرداس، عن دوافع الجريمة ولا مسبباتها، كما لم يكشف النقاب عن أسرار العلاقة الحميمية التي جمعت بين الوحش القاتل، والزوجة الحرباء، التي أبدعت بمكر في التخطيط، واعتقدت أنها ستفلح في البقاء بعيدا عن الأعين، كما لبت نداءات الإعلام الإلكتروني والمكتوب، لإطلاق تصريحات، منذ ساعة الحادث، متقمصة دور المسكينة التي قتل زوجها غدرا، وتركها وأبناءه، في حرقة. قناص الوحيش وزوجة حرباء البحث في حياة هشام مشتري (أب لأربعة أبناء)، الذي تنقل بين أحزاب في مسيرته السياسية، يرسم صورة لشخصية كانت مرشحة في أي وقت للدخول إلى عالم الانحراف، فقد عاش طفولة مرتبكة مشحونة، قبل أن يطور ملكاته ويستخدم مهار اته للحصول على منصب اجتماعي، يضمن له صورة مغايرة لما يعيشه في دواخله، ليدخل عالم السياسة من بابه الواسع بعد أن كان مساعدا للمرشحين. طموحه هذا لم يتوقف، رغم أنه أصبح في وقت وجيز، مسؤولا جهويا في حزب الحركة الشعبية، ليغير بعد ذلك الاتجاه ويتحول إلى حزب الحمامة، الذي ترشح بواسطته في الانتخابات الأخيرة، وولج مكتب مقاطعة سباتة نائبا للرئيس، ناهيك عن أنه كان يزاول القنص وكان من بين أمهر القناصين، لدرجة أنه أصبح في وقت سابق رئيسا لفدرالية القناصين. هذه الطموحات، لم تف بالغرض، فالسياسة تحتاج إلى المال، والطريق إلى المال والجاه لم يجتمعا عند المتهم، رغم أنه أصبح يدير مؤسسة لتعليم السياقة، ويجني مداخيل من مختلف الأنشطة التي يقوم بها. أما هي فكانت تعتقد أنها عثرت على ما ينقصها، فحياتها لم تكن مستقرة رغم زواجها من شخص تسلق الدرجات، وجمع بين الجاه والسياسة، كما أن طلاقها الأول، من فنان عشقته وتزوجته ما لبثت أن فكت الارتباط به بعد تسعة أشهر، ظل يطاردها، وتفكر، أمام المشاكل الزوجية بينها والبرلماني، في عدم تكرار تجربة الطلاق، وهو ما دفعها في وقت سابق إلى التراجع عن مسطرة التطليق، لأنها لا تلبي رغباتها وقد تخسر فيها الشيء الكثير، لذا توحدت مع عشيقها حول فكرة واحدة، وهي قتل الزوج والحداد عليه ثم الانطلاق في حياة جديدة. دجاجة بكامونها العلاقة بين هشام المشتري والضحية عبد اللطيف مرداس، لم تكن علاقة صداقة، ولم يطمئن الاثنان إلى بعضهما لنسج صداقة قوية بينهما، بل كان الخيط الرابط بينهما، زوجة البرلماني. فالمتهم الرئيسي، كان ابن حيها، وكانت شقيقته صديقة لها، والأخيرة، تحولت مع الأيام إلى منجمة وعرافة، عرفت بقدرتها على تقريب البعيد وتحبيب الزوج وطرد النحس والتأليف بين القلوب وغير ذلك من أعمال الشعوذة المنتشرة في الأحياء الشعبية، فاستغلت توتر علاقة الضحية بزوجته، إذ كانت تمدها ببعض الوصفات لحل المشاكل الزوجية، خصوصا أن البرلماني الضحية، عرف بعلاقاته، وبمحاولة زواجه من أخرى، وظلت الزوجة المتهمة تعتقد أن صديقتها ماهرة ووصفاتها لا يشق لها غبار، قبل أن تجد نفسها في أحضان شقيق العرافة، وتسقط معه في مستنقع علاقة حميمية تطورت مع الأيام، فهي كانت ترى فيه المنقذ، وهو كان ينظر إليها من زاوية ما ينقصه، وهو المال، فعشيقته أصبحت ثرية بفضل الممتلكات التي سجلها لها زوجها باسمها. الزوجة والشيطان النتيجة التي وصل إليها تخطيط الاثنين لإزالة العقبة التي تحول دون وصولهما إلى الهدف، لم تأت بسهولة، فقد درس الاثنان مختلف المخططات، كما رسما كل السيناريوهات لاستكمال بقية حياتهما جنبا إلى جنب، وكل ذلك كان في غفلة من رب الأسرة، مرداس، الأب لثلاثة أبناء، إذ لم يكن يدري أن عدوا لدودا يضمر له الشر، ويعيش معه تحت السقف نفسه، بل لم يكن المسكين، يفكر في أي لحظة أن من سيقتلونه، سيرافقونه إلى المقبرة، ليس لتشييع جنازته والدعاء له، بل للتأكد من أن العقبة زالت وأنها دفنت تحت الأرض ولن يعود أبدا شبح مرداس لتعكر صفو ما تم رسمه بإتقان، بل لم يخطر بباله أن تكون الزوجة هي المخطط الرئيسي، تستدرجه في ساعة القتل للقاء من ينتظرونه بالنار والحديد أمام الفيلا الفاخرة بأرقى أحياء البيضاء، فالجاني أثناء تنفيذ الجريمة لم يكن يخطط لجريمة تصفية فقط، بل نفذ جريمته على شاكلة جرائم السطو على المؤسسات المالية، فقتل البرلماني بالنسبة إليه كان مدخلا للاستيلاء على ثروته. تنفيذ ذكي لدواع بليدة طريقة تنفيذ جريمة قتل مرداس، كانت ذكية من حيث التنفيذ، سواء بالنسبة إلى استعمال السلاح الناري والاحترافية في التسديد، أو في اختيار مسرح الجريمة أمام بوابة فيلا الضحية، وأيضا للاستفادة من التأويلات بعد وقوع الجريمة، خصوصا أن الضحية عرف بعداوات وخصومات، وهي الجمل نفسها التي عبرت عنها الزوجة/ الأرملة، في تصريح مصور، بأن قالت بأن "السياسة كلها عداوات"، وتارة أخرى حاولت التمويه بالادعاء أن من ارتكب الجريمة قد يكون جاء من الخارج، وغيرها من التعابير التي ظلت متمسكة بسردها أمام مصوري الصحافة الالكترونية، في ما يشبه الاستعداد القبلي للإدلاء بتلك التصريحات للبقاء بعيدا عن الاتهام وحماية العشيق من الوقوع في قبضة الأمن. حضر العشيق نفسه إلى الفيلا بعد الإعلان عن الجريمة، وكان ضمن المعزين، بل تكرر ظهوره أكثر من مرة بالفيلا، في الأيام الموالية لمقتل مرداس، ما طرح أسئلة حول حرصه هذا، رغم أنه لم يكن من بين الأصدقاء الأوفياء للراحل. إذا كانت طريقة التنفيذ ذكية، وأفلحت في إبعاد الأصفاد عن الزوجة القاتلة وعشيقها القناص لأكثر من أسبوعين، فإن دواعي الجريمة كانت بليدة، وأوصلت المحققين بسرعة إلى حل اللغز، إذ لم تنطل عليهم الحيلة وظلوا يباشرون أبحاثهم في هدوء، بل أوهموا الزوجة وشركاءها، بأنهم سقطوا في الفخ، عقب الإعلان الأولي عن إيقاف مشتبه فيه من ابن أحمد، فالعملية كانت معاملة بالمثل، أي مواجهة التمويه بالتمويه، والاستمرار في تطمين نفوس المشتبه فيهم إلى حين جمع الأدلة الدامغة التي لن تفلتهم من العقاب، وهو ما تحقق وأسفر عن حل اللغز وحجز أداة الجريمة والتعرف على دواعيها، في ظرف 17 يوما. فالدواعي البليدة، تكمن في نتيجة الجريمة، أي تصفية الرجل من أجل استمتاع الجناة، وهي النتيجة التي كانت ستحصل عليها الزوجة بالتطليق، دون استعمال للرصاص والقتل، خصوصا أن الزوج قد فوت لها قبل ذلك ممتلكاته. ثم إن الزوجة كانت تختلي بعشيقها وكان الضحية في دار غفلون، فما الذي أوصلهما إلى التخطيط بهذا الشكل وبتلك الطريقة؟ ذلكم سؤال لن يجب عنه إلا الضحية نفسه، ولربما أن الزوجة القاتلة، كانت متأكدة أنها لن تحيا سعيدة بعد تطليقها للزوج، وقد يحول الضحية حياتها إلى جحيم، ما قادها إلى التفكير في التخلص من ذلك الكابوس، لتبعد الزوج وتحتفظ بالأبناء والعشيق، لكنها في الآن نفسه، لم تفكر في أن يكون مصيرها هو مصير زوجها، فالقاتل، عندما يثق في نفسه ويعتقد أنه نفذ جريمة كاملة، لا يتوقف عند هذا الحد وحتما سينفذ جريمة ثانية، وهذه المرة لن تكون إلا باستهداف من شاركوه الجريمة الأولى، أو من يتقاسم معهم أسرار قد تتحول في المستقبل إلى مخاطر.

جنس وقتل للاستفراد بالثروة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"كريماي" يجذب الذواقة

تركيا تشعل حرب الذهب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات