بنكيران يفتقد صفات رجل الدولة

اللقماني قيادي "البام" قال إن الشرعية الديمقراطية تصنع بالتوافق بين الفاعلين حول أساسيات النظام السياسي أكد امحمد اللقماني، عضو المكتب السياسي للأصالة والمعاصرة أن رئيس الحكومة يتعامل مع قضايا الدولة بمنطق تعوزه ثقافة التوافق، إذ اختار الاصطدام مع الجميع، وتعمد خلق توترات مجانية بدون تقدير الكلفة السياسية والاجتماعية وحتى الدبلوماسية. وقال اللقماني في حوار مع "الصباح" إن عبد الإله بنكيران، بهذا النهج، يفتقد صفات رجال الدولة، موضحا أنه من الخطأ القاتل الاغترار بنتائج صناديق الاقتراع لفرض سلوك تحكمي على باقي الفاعلين، لسبب بسيط هو أن الشرعية الانتخابية لا تمنح بالضرورة لأصحابها الشرعية الديمقراطية، إن هي بقيت سجينة منطق الاستقواء بالأغلبية العددية. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار : برحو بوزياني < يستعد "البام" لعقد دورة استثنائية للمجلس الوطني بعد مناقشات مستفيضة في اللقاءات الجهوية. هل يمكن الحديث اليوم عن مشروع سياسي وتنظيمي واضح المعالم في الخريطة السياسية؟ < مشروعنا السياسي ديمقراطي حداثي بصيغة مغربية أصيلة، هذا واضح ومعروف. أما الدينامية التنظيمية التي يدشنها الحزب، فهي تهدف إلى إعداد خارطة طريق واضحة لعمل الحزب في المرحلة المقبلة من أجل تموقع أفضل وفاعلية أكبر داخل المجال السياسي، وذلك انطلاقا من استثمار ما يتوفر عليه الحزب من رصيد سياسي وانتخابي مهم يتيح له الترافع من موقع قوة من أجل سياسات عمومية تنموية وعادلة. إن هاجسنا الكبير في المرحلة المقبلة هو بناء الذات التنظيمية على أسس جديدة وأكثر فاعلية، تسمح بخلق بنية استقبال واستقطاب يجد فيها الجميع مكانته وطموحاته المشروعة. فالحزب يعرف التحاقات كبيرة للمواطنين من جميع الشرائح، وعلينا أن نوفر لهم وعاء الاستقبال الملائم. ونعتبر أن الدورة الاستثنائية المقبلة للمجلس الوطني التي ستدوم ثلاثة أيام، هي بمثابة مؤتمر مصغر أو موعد سنوي سنعيد فيها ترتيب أمورنا الداخلية بشكل جديد، إذ ستعرف التداول والمصادقة على ثمانية مشاريع أوراق ستنتج عنها التزامات نضالية وتعاقدات داخلية، وتؤسس لانطلاقة جديدة ونوعية في مسيرة الحزب. وبطبيعة الحال، سيكون على برلمان الحزب تقييم عمل المكتبين السياسي والفدرالي ويحدد لهما الإطار التوجيهي للاشتغال في المرحلة المقبلة. < خلفت نتائج الانتخابات التشريعية صدمة لمناضلي الحزب الذين راهنوا على الرتبة الأولى، ما جعله يتوارى إلى الخلف، واختيار التموقع في المعارضة. هل وقفتم عند أسباب "الهزيمة"؟ < ما أقلقنا في الانتخابات التشريعية الأخيرة هي نسبة المشاركة الضعيفة، فنحن نهتم أكثر بالرهانات المجتمعية الكبرى التي تحملها العملية الانتخابية على مستوى البناء الديمقراطي والمؤسساتي لبلادنا، كما على مستوى مخرجات تدبير السياسات العمومية وإفراز نخب متمكنة. أما الأحزاب، فهي أدوات وظيفية لتحقيق هذه الرهانات، ولا يجب أن تكون غاية الغايات، وإلا سنسقط في تجريبية قاتلة، خاصة في ظل تنـابذ المرجعيات، مع أن الدستور المغربي يؤسس لوحدة المرجع والهوية، لكن تعطيل تفعيل مقتضياته يحمل مخاطر إضعاف الوظيفة الإدماجية لنظامنا السياسي، وما لذلك من كلفة باهظة على مستوى توازنات المجال السياسي، خاصة مع بروز سلط مضادة وفاعلين جدد لهم من قوة التأثير، ما يجعلهم يزاحمون الدولة والأحزاب في وظائفها الأصلية. لذلك على الأحزاب أن تستعيد زمام المبادرة السياسية لضخ ديناميات جديدة في الحقل السياسي. وبالنسبة إلينا في حزب الأصالة والمعاصرة، فقد حققنا انتصارا سياسيا، وضاعفنا عدد المقاعد، وأصبحنا نتصدر المشهدين السياسي والحزبي، إذ انتقلنا من 47 مقعدا في انتخابات 2011 إلى 102 سنة 2016، أي بزيادة نسبتها 120 بالمائة، وهذا انتصار في حد ذاته. نحن لا يضيرنا الرتبة الثانية ولا وجودنا في المعارضة، لأن الديمقراطية أشمل وأكبر من السلطة والمعارضة على السواء، وسنكون مؤثرين في الموقع الذي نحتله. والجميع يلاحظ اليوم بأن الأصالة والمعاصرة حاضر بقوة في المعادلة السياسية، والمرحلة المقبلة ستعرف اتخاذ عدة مبادرات سياسية جديدة. ويجب أن ننتبه إلى أن نصاب السلطة في الدستور أصبح مقتسما بين المركز والجهات، ونحن نوجد في مواقع التدبير على رأس خمسة مجالس جهوية كبرى، تمثل ثلثي سكان وثروات البلاد، وسنترافع بقوة من أجل إخراج المراسيم التطبيقية للجهوية المتقدمة لتكون في مستوى الرهانات الكبرى لمغرب الجهات التي حملها الخطاب الملكي لـ 3 يناير 2010 حول الجهوية المتقدمة، ولن نسمح بأقل من ذلك. هذا لأن المخططات التنموية الكبرى التي ستدشنها بلادنا مستقبلا ستنطلق من الجهات. فقد انتهت المرحلة التي كان يتم فيها إسقاط المخططات التنموية من المركز دون الأخذ بالحاجيات الحقيقية والخصوصيات التنموية والثقافية للجهات، وهذه - للتذكير- هي الخلاصة الأساسية التي انتهى إليها تقرير الخمسينية للتنمية البشرية. حكومة لا شعبية الحصيلة تشهد على ما نقول، ومؤشراتها كثيرة وصادمة ليس أقلها تقارير المؤسسات والهيآت، الوطنية منها والدولية، رسمية كانت أم غير رسمية، كالمجلس الأعلى للحسابات، والمندوبية السامية للتخطيط، وبنك المغرب، ووزارة الاقتصاد والمالية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمرصد الوطني لحقوق الطفل...إلخ. لقد تم تعطيل الدستور وورش الجهوية المتقدمة وترسيم الأمازيغية والمناصفة بين الجنسين، والحوار الاجتماعي، وتم الشروع في مخطط خطير لتفكيك صندوق المقاصة وأنظمة التقاعد وضرب الوظيفة العمومية...وهذه مقاربة ليبرالية متوحشة تضرب في العمق الأدوار الاجتماعية للدولة، وهي مقدمات تنذر بانفجار اجتماعي خطير يلوح في الأفق، وستكون له كلفة باهظة على مستوى استقرار المجتمع وتوازنات المجال السياسي. لذلك فنحن ننأى بأنفسنا عن المساهمة في تبييض سيرة حكومة لا شعبية، بل ونحذر من الاستمرار في هذا النهج. المجـال السيـاسي يتـسع للجميـع < يرى البعض أن الأحرار أخذ الموقع الذي كان مفترضا أن يحتله "البام" في مواجهة "بيجيدي". هل يمكن الحديث عن خيبة أمل وفشل الرهان على "البام" في قيادة تحالف في مواجهة إخوان بنكيران؟ < إذا كان هناك من يراهن على الأصالة والمعاصرة، فهم المواطنون الذين بوؤوه المكانة التي يستحقها. فنحن لم نأخذ مكان أحد و لا أحد أخذ موقعنا، ولا نبني ووجودنا داخل الحقل السياسي على علاقات صدامية مع أي كان، لأننا مقتنعون بأن المجال السياسي هو ملكية عمومية ويتسع للجميع. ومن كان يعتقد أن الأصالة والمعاصرة له أدوار محددة ومؤقتة، فله أن يلاحظ الخط التصاعدي الذي يرسمه، منذ نشأته سنة 2008 والأدوار الممانعة التي يقوم بها يوميا في الحيلولة دون تمدد الاتجاهات النكوصية داخل المجتمع، وهذه الأدوار يشترك فيها مع القوى الديمقراطية بمختلف تعبيراتها داخل المجتمع، لأن التيار الديمقراطي والحداثي لا ينحصر فقط داخل مجال السلطة، بل يتعداه إلى المجال الثقافي والمدني والحقوقي والإعلامي، وهذا هو الاصطفاف الواسع الذي نؤسس له. وجدير بالتذكير أن احتلالنا للرتبة الثانية في نتائج الاقتراع فرض علينا اتخاذ موقف الاصطفاف في المعارضة، كي لا نساهم في مزيد من الغموض السياسي. فلا يمكننا أن نوجد في حكومة يرأسها حزب لا تجمعنا به المرجعية نفسها، لأنها تنعكس مباشرة على طبيعة المقاربات في تدبير السياسات العمومية، وهي المقاربات التي كانت كارثية في معالجة أمور البلاد. توترات مجانية < تابعتم المسار الذي أخذته مشاورات تشكيل الحكومة وتعطيل مؤسسات البلاد. كيف تقيمون فشل بنكيران في تشكيل الأغلبية؟ ما هي في رأيكم مخارج الأزمة المتواصلة؟ < سبق أن عبرنا، وبشكل حاسم في بيان 8 أكتوبر الماضي للمكتب السياسي، بأننا غير معنيين بالمشاركة في الحكومة والمشاورات الجارية لتشكيلها، ولكن هذا لا يعني بأننا غير معنيين بما يقع. فتعطيل المؤسسات الدستورية للبلاد مكلف جدا، ورئيس الحكومة المعين يتحمل كامل المسؤولية في هذا الوضع. من جهتنا، نتمنى له أن ينجح في تشكيل حكومته، ولكن إذا أعلن رسميا فشله في هذه المهمة، ساعتها سيكون لنا رأي في الموضوع، وغالب الظن، أنه لن يخرج عن دائرة التوافق الوطني. لكن ما نأسف له حقا هو أن رئيس الحكومة يتعامل مع قضايا الدولة بمنطق تعوزه الثقافة التوافقية، وهذا واضح من خلال اصطدامه مع الجميع، وتعمّده إحداث توترات مجانية بدون تقدير الكلفة السياسية والاجتماعية وحتى الدبلوماسية، وبهذا فهو يفتقد صفات رجال الدولة. وما يمكنني قوله هو أنه من الخطأ القاتل الاغترار بنتائج صناديق الاقتراع لفرض سلوك تحكمي على باقي الفاعلين، لسبب بسيط هو أن الشرعية الانتخابية لا تمنح بالضرورة لأصحابها الشرعية الديمقراطية، إنْ هي بقيت سجينة منطق الاستقواء بالأغلبية العددية داخل البرلمان. فالشرعية الديمقراطية تصنع بالتوافق بين كل الفاعلين حول أساسيات النظام السياسي، خاصة أننا تقدمنا أشواطا كبيرة على درب انتقالنا الديمقراطي، ولا يمكن أن نسمح بتكرار أخطاء الماضي، وعلينا أن نستفيد مما جرى بالأمس، لأن لهذا الوطن تاريخا طويلا، وتجاهل التاريخ يبقى دائما هو نقطة ضعف رجل السياسة. نسعى لتطوير علاقاتنا مع قوى الحداثة < يراهن "البام" على تطوير علاقاته مع القوى الحداثية والديمقراطية لاستعادة زمام المبادرة السياسية. هل يمكن الحديث مستقبلا عن مبادرات مشتركة مع التكتل الرباعي الذي صوت لفائدة المالكي رئيسا لمجلس النواب؟ < من حيث المبدأ، نحن نصطف إلى جانب القوى المجتمعية التي نتقاطع معها في الأهداف العليا للمشروع السياسي الديمقراطي الحداثي الذي نتبناه، كما نعلن استعدادنا للاشتغال مع كل من يبدي الرغبة في خدمة وطننا وشعبنا، وتطوير الديمقراطية وحقوق الإنسان ببلادنا، انطلاقا من التفعيل الديمقراطي للدستور، بالروح التوافقية ذاتها التي أنتجته في 2011. فنحن جميعنا أبناء الوطن الواحد، ومن المفروض أن المشترك الذي يجمعنا أكثر مما يفرقنا، وعلينا ألا نستنزف مجهوداتنا في الصراعات الهامشية، وإنما الانكباب على إشكالات التنمية والديمقراطية ومواجهة التحديات الخارجية التي تداهمنا من كل جانب. وحتى وجودنا في المعارضة لا يمنعنا من دعم أي مبادرة حكومية نراها تحمل قيمة مضافة ونوعية لبلادنا. وهذا المنطق الإيجابي والواقعي في السياسة، هو الذي دفعنا إلى دعم ترشيح الاتحاد الاشتراكي لرئاسة مجلس النواب، وهو المنطق عينه الذي يسود داخل المجالس الجهوية التي يرأسها حزب الأصالة والمعاصرة. وعموما، نحن مع أي مبادرة سياسية تضع على رأس اهتماماتها المسألة الاجتماعية، وفي القلب منها قضية التعليم والتوزيع المنصف للثروة، وتسهيل الولوج للخدمات الاجتماعية الأساسية وضمان الأمن والاستقرار بما يحفظ كرامة الإنسان المغربي، وتمكينه من حقوقه ومواطنته الكاملة. معـارضـة برنـامـجـيـة < كيف تتصورون دور المعارضة في ظل وجود قوى قريبة منكم ضمن الأغلبية التي يجري التشاور بشأن تشكيلها؟ وكيف ستتعاملون مع الاستقلال الذي اختار المساندة من خارج الحكومة؟ < معارضتنا ستكون برنامجية للحكومة برمتها، وليست معارضة انتقائية لحزب دون آخر. ولكل مبادرة حكومية سيكون لها ما يقابلها من بدائل واقتراحات. وأملنا أن تتحمل الأحزاب المشكِّلة للحكومة المقبلة مسؤولياتها في إحداث قطيعة مع التدبير السيئ لسابقتها، وأن توقف النزيف الحاد الذي أصاب الاقتصاد الوطني والتخريب الممنهج للقطاعات الاجتماعية والطبقة الوسطى بكل فئاتها. أما تعاملنا مع حزب الاستقلال، سواء كان في المعارضة أم في الحكومة، فيتوقف على سلوك بعض قياداته الحالية الذي أصبح مزاجيا وغير مستقر على حال، الشيء الذي لا يبعث على الثقة في التعامل، وهذا مؤسف بالنسبة إلى حزب لطالما تميزت قياداته بالرشد والاتزان في المواقف. وعموما لكل حادث حديث. في سطور -من مواليد 1971 بالبيضاء متزوج وأب لطفلين - تابع دراسته الجامعية بكلية الحقوق بوجدة وحصل على الإجازة في 1995. -انتقل إلى الرباط وحصل على شهادة الدراسات العليا في العلوم السياسية خلال 1996 وشهادة مماثلة في العلوم الإدارية في 1997. - حصل على الدكتوراه في العلوم الإدارية في 2003 في موضوع" دور التواصل في التحديث الإداري بالمغرب" بميزة مشرف جدا. -مفتش إقليمي بوزارة المالية منذ 1997. -حاصل على شهادة تدريب من الأكاديمية الدولية للقيادة بألمانيا عضو سابق في إطار فصيل القاعديين بجامعة وجدة وعضو سابق باليسار الاشتراكي الموحد. - مؤسس لحزب الأصالة والمعاصرة منذ 2008 وعضو مكتبه السياسي. - عضو المكتب التنفيذي لحركة "ضمير". - رئيس جمعية "اللقاء الديمقراطي".

بنكيران يفتقد صفات رجل الدولة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"أش تي سي" تطرح "يو ألترا"

اقتناء السيارات الفارهة في تصاعد

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات