أطباء يجرون عمليات في “الكوزينات”

شهبي قال لـ «الصباح» إن القوانين لا تحمي الطبيب والمريض ودعا إلى إحداث هيأة عليا للصحة أكد محمد شهبي، أختصاصي في طب وجراحة العيون، إن مهنة الطب تعيش وضعا غير طبيعي في السنوات الأخيرة، بسبب سلوكات بعض الأطباء من جهة والهجوم غير المبرر على الأطباء من جهة أخرى، مؤكدا أن الأمور ستزداد سوءا إذا لم يبادر المسؤولون إلى تشكيل هيأة عليا للصحة لتنظيم المهنة. < كثرت القضايا التي يتابع فيها الأطباء أمام المحاكم، ما سبب ذلك؟ < المشكل الأساسي خلال السنوات الأخيرة هو فقدان الثقة التي كانت بين المريض والطبيب، والتي تعد أساس عمل الطبيب، هذه الثقة اليوم أصبحت مفقودة وقد ساهمت في ذلك مجموعة من العوامل، كان آخرها الحملة التي شنها رئيس الحكومة على الأطباء والتي هاجم فيها أصحاب البذلة البيضاء خلال الحملة الانتخابية الأخيرة. فحتى وقت قريب كان الطبيب مصدر طمأنينة للمريض، أما اليوم فالطبيب أصبح خائفا من مضاعفات العملية وينقل هذا الإحساس إلى المريض، لتزداد العلاقة سوءا. < أين يكمن الخلل في نظرك؟ < المشكل اليوم أن بعض وسائل الإعلام تروج لقضايا وقعت فيها مضاعفات ولو أنها قليلة ولا تمثل سوى 1 في المائة، ما يعطي انطباعا بعدم كفاءة الأطباء المغاربة، والكل ينسى أو يتناسى أن 99 في المائة من العمليات ناجحة، كما يتغافل ظروف الاشتغال غير المناسبة. ما يقع حاليا وقع في دول أخرى، مثل فرنسا التي فقد فيها المواطنون، في وقت سابق، الثقة في الأطباء فتدخلت الدولة وتم وضع قانون «كوشنير»، الذي وضع حدا لذلك من خلال إحداث صندوق يمول من الضمان الاجتماعي ومساهمات الأطباء، ووضع لجان لحل الخلافات بين الأطباء والمرضى دونما حاجة للجوء إلى المحاكم. المضاعفات تقع في جميع الدول بما فيها المغرب، بالنظر إلى أن جسم الإنسان يختلف مثلما تختلف درجة مقاومته ومناعته، ولذا فالتجاوب يكون مختلفا، وهنا يطرح التساؤل ما العمل؟ ومن سيعوض المريض؟ < متى يخطئ الطبيب؟ < الطبيب مطالب بإجبارية الوسائل وليست بإجبارية النتائج، فالطبيب يجب أن يوفر الوسائل اللازمة من أجل إجراء عملية ما، وأن يتخذ الاحتياطات اللازمة، وليس مطلوبا منه في جميع الحالات أن يحقق نتائج. هذا لا يعني هضم حق المريض، بل يجب تعويضه وهنا يجب أن نأخذ بتجارب الدول التي سبقتنا، من خلال صندوق يمول من الضمان الاجتماعي على غرار ما هو معمول به في فرنسا، ولا يلجأ إلى التأمين إلا في حال ثبوت خطا الطبيب. يجب أن يعلم الجميع أننا نشتغل في جسم الإنسان ولا يمكن أن يسري علينا القانون المدني أو الجنائي، يجب وضع مدونة خاصة بمهنة الطب. < أحيانا لا يوفر بعض الأطباء هذه الوسائل، ما يؤكد وجود أخطاء طبية؟ < الآن هناك فوضى عارمة، فبعض الأطباء يجرون عمليات داخل عيادات وليست مصحات، بل بمطابخ بعض العيادات، وهنا يطرح دور لجان المراقبة التابعة إلى وزارة الصحة، إذ أن عمل الأخيرة يقتصر على المصحات ولا يطول العيادات التي تقع بها الكوارث، وحتى مراقبة هذه اللجان تقتصر على مصحات دون أخرى، وهنا أذكر بمصحة بالمحمدية استوردت جهازا قديما وتجري به عمليات على أعين المواطنين، دون رقيب ولا حسيب، وقد راسلنا الأمانة العامة للحكومة دون أن تتحرك أي جهة لتصحيح الوضع. هناك تقصير كبير في المراقبة، وقانون 131-13 ، المصادق عليه أخيرا، أغفل الحديث عن أخلاقيات المهنة، لقد مرروا هذا القانون لكن لا شيء تحسن الآن. < هل تريد أن تقول إن الأطباء ضحايا؟ < هناك حملة مغرضة على الأطباء رغم أنهم من أحسن الكفاءات في المغرب بل وفي العالم، فالمرشحون للدخول إلى كليات الطب يكونون من الحاصلين على المعدلات الكبرى، كما أنهم يحضون باحترام كبريات الدول. إذا ما فقدوا الثقة فينا فليسحبوا الترخيص منا، وإذا كان المرضى قد فقدوا الثقة فليستوردوا أطباء أجانب. وزارة الصحة محظوظة للعثور على أطباء يقبلون الاشتغال في تلك الظروف، ومثال على ذلك مستعجلات البيضاء التي رئيسها هو الوزير، أنظر إلى حالها وحال الأطباء الذين يهانون أحيانا وإذا استمر الوضع على هذا الحال سنصل إلى أشياء لا تحمد عقباها. هناك مشكل حقيقي اليوم، فهناك خلل في التربية والتكوين أو أن هناك خلل في القانون المنظم للمهنة، وفي انتظار أن يتحقق الشرط الأول فالمطلوب تقوية المهنة من خلال هيأة عليا للصحة تنظم المهنة وتحمي جميع الأطراف. < ما الحل في نظرك للخروج من هذه الفوضى؟ < المطلوب اليوم تشكيل هيأة عليا للصحة شبيهة بالهيأة العليا للسمعي البصري من حيث التشكيل، إذ لا يجب أن يقتصر الأمر على أطباء بل يجب أن تعزز بمحامين وقضاة وحقوقيين وفعاليات المجتمع المدني، يوكل إليها النظر في القضايا الخلافية بين الأطباء ومرضاهم لتفادي اللجوء إلى القضاء. كما يوكل لها مراقبة المصحات وإصدار عقوبات في حق أطباء ومصحات، لأن دور المراقبة موكول اليوم إلى وزارة الصحة التي تعتبر خصما وحكما وهذا غير مقبول، كما يجب أن يكون لهذه الهيأة وزن وقوة أكبر من تلك المتوفرة لوزارة الصحة، على اعتبار أن الأخيرة لا يمكن لها أن تتجاوز بعض الخطوط، وهنا أذكر بوزيرة الصحة السابقة التي قررت إغلاق مصحة فلقيت مقاومة من قبل النقابة التي صدتها. المطلوب هيأة عليا للصحة تنصف الطبيب كذلك، على اعتبار أنه أصبح ضحية ابتزاز بعض المرضى، في ظل الضغط الممارس على الأطباء من قبل بعض مرضاهم، وكذا من قبل كل من تطاول على المهنة أو مسها بسوء، مثلما وقع مع عبد الإله بنكيران الذي هاجم الأطباء خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، إذ أكد أنهم لا يعتنون جيدا بالمرضى، ما مس بمصداقية المهنة وزاد من فقدان الثقة بها. كما أن الكاتب العام السابق لوزارة الصحـــة أكد مـا يــــــــروج حينما توجه للعلاج بالخارج من مرض ألم به، وهذا يحمل رسالة أن الأطباء المغاربة غير أكفاء. مقاضاة الأطباء موضة < ألا ينصف القضاء الأطباء؟ < أكبر صفعة يمكن أن توجهها إلى الطبيب هي جرجرته في المحاكم، فأساس العلاقة بين الطبيب والمريض كما قلت سابقا هي الثقة، وعندما يجر الطبيب إلى القضاء فهذا يضر بسمعته ومعنوياته، وحتى لو برئ ولم تثبث مسؤوليته، فإنه سيخرج خاسرا في جميع الأحوال. عشنا قضية في 2004 بعد تسجيل وفاة بمصحة حين كان وزير الصحة بيد الله، شكلت لجنة وتبين أنه لم يكن هناك خطأ ومع ذلك أدين طبيب التخدير بالسجن. الموضة اليوم هي أن يقاضي مريض طبيبا، ما يدفع العديد من الأطباء للخضوع إلى الابتزاز أحيانا حتى لا يعرف أمر القضية، ما شجع مرضى على مواصلة الابتزاز المريض لم يعد مطمئنا وكذلك الطبيب، وانطلاقا من ذلك أصبحت تخوفات كبيرة، وقد نضطر إلى عدم إجراء مجموعة من العمليات مما قد يتفاقم وضع المريض. أجرى الحوار: الصديق بوكزول

أطباء يجرون عمليات في “الكوزينات”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عصابة مكونة من مغربي وجزائري وتونسي ترعب بولندا ليلة رأس السنة

صفقات مشبوهة تهز ابن سليمان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات