خذوا المناصب

مع اشتداد معركة الغنائم، وتصاعد أمواج تهافت الأحزاب على الوزارات، ولو بمحافظ فارغة، لم يصمد لساني أمام رغبة في ترديد كلام الفنان التونسي لطفي بوشناق وهو يغني رائعته «يا وطن أنت أعظم من الكراسي»، إذ صدقت أبيات القصيدة التي كتبها الشاعر مازن الشريف في ترجمة مشاعر عموم المغاربة بعد انتخابات علقوا عليها آمالا قديمة لم تحقق منها أحزاب الحكومة المنتهية ولايتها غير إصلاح التقاعد والمقاصة من جيوب الفقراء، وانكشف النقاب عن أسباب احتدام الصراع قبل 7 أكتوبر وبعده. وتمنيت ألا يأتي علينا يوم نبكي فيه كما بكى بوشناق في مهرجان المدينة بتونس العاصمة وسط موجة من التصفيق الجماهيري لفنان عبر عن حالة الإحباط التي وصل إليها شعب شقيق، في ظل تجاذبات سياسية حولها المتطرفون إلى عنف ولد عنفا مضادا، إذ لم يتمالك الرجل نفسه وانخرط في البكاء تأثرا بجملة قال فيها الشاعر «خذوا المناصب والمكاسب.. لكن خلوا لي الوطن... أنت يا فخر المواطن والمناضل... أنت أجمل وأنت أغلى... وأنت أعظم من الكراسي». أعطت الأرقام لـ «بيجيدي» الحق في رفع شعار «كل المناصب لنا»، فبعدما أخذ بنكيران رئاسة الحكومة، كبر الطموح عند زملائه في الحزب رافضين التنازل عن رئاسة مجلس النواب كذلك. إذ في الوقت الذي يطالب فيه الاتحاد والاستقلال، وربما «البام»، برئاسة الغرفة الأولى للبرلمان، سرب «بيجيدي» معلومات مفادها أنه يريد المنصب الثالث في ترتيب هرمية الدولة، بذريعة أن الفرصة لم تكن سانحة للظفر برئاسة مجلس النواب كما هي اليوم، وأن بنكيران قد يستغني عن وزارات كثيرة شريطة التحكم في قاعة ينتظر أن تشهد مواجهة شرسة مع المعارضة المقبلة، بل وبدأ الحديث، قبل تدشين المفاوضات، عن ترشيح الحزب لمحمد يتيم، النائب الأول لرئيس المجلس السابق، وسعد الدين العثماني، الذي سيجمع بين رئاسة برلمان الحزب وبرلمان المغرب. ليس في نية الأحزاب أن تغلب مصلحة الوطن، ولم تتردد القيادات في إعلان رفض تقديم التنازلات، بذريعة أنها مطوقة بأصوات المواطنين، مدعية أن ذلك من تنزيل مشروع ترجمة حكم الصناديق، مع أن الجميع يهرول نحو التحالف مع أحزاب عاقبتها الصناديق وينفرون من حزب تجاوزت حصيلته 100 مقعد وكأن الذين صوتوا عليه من سكان كوكب آخر. لم يعد بنكيران أمينا عاما لحزب «المصباح»، بعد تكليفه برئاسة الحكومة المقبلة، بل صار رئيسا لكل المغاربة، من صوت عليه، ومن صوت ضده، وحتى من لم يصوت. جميل أن يقاوم الساسة إغراء الكراسي، ويرفضوا نشوة المناصب بالثبات على الموقف والابتعاد عن متاهات لعبة المساومات من أجل اقتسام كعكة الوزارات والقطاعات الحكومية، لكنها قلة قليلة وعملة نادرة بين منتخبينا وقادة أحزابنا... التي نناشدها بأن تأخذ الكراسي وتترك لنا الوطن.

خذوا المناصب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إحداث 23 ألفا و718 منصب شغل

فيديو ... الهزيمة القاسية للجيش أمام الوداد (5-0)

مقالات ذات صلة