الإدريسي يغادر قطار الحياة في صمت

الغاوي يكشف اللحظات الأخيرة من عمر صاحب "عندي بدوية" ترجل الفنان محمد الإدريسي صاحب الأغنية الشهيرة “عندي بدوية”، ليلة الخميس الجمعة من قطار الحياة بعد صراع مع مرض عضال دون أن يحقق حلمه في الموت على أرض وطنه. وحسب مصادر مقربة من عائلة الإدريسي، كان الفنان الراحل يرغب في العودة قبل شهرين إلى وطنه من أجل الموت هناك، خصوصا بعدما علم بقرب أجله. وحكى الفنان محمد الغاوي تفاصيل اللحظات الأخيرة من عمر الفنان محمد الإدريسي، إذ بمجرد أن علم بمرضه ألح على زيارته رفقة مجموعة من الأصدقاء وأثناء زيارته وجدوه يحتضر. وأضاف الغاوي في اتصال هاتفي مع “الصباح” من باريس، “أثناء زيارتنا للإدريسي رفقة بعض فعاليات المجتمع المدني بباريس، قمنا بتلاوة القرآن عليه، وتفاجأنا بأنه ما زال يتذكر أبناء وطنه بالاسم، وتكلمنا عن الحركة الفنية بالمغرب وجديد الساحة”. و”رغم احتضاره إلا أنه ظل محافظا على معنوياته المرتفعة، إذ ظل يبتسم خصوصا بعدما أسمعته أغنيته “عندي بدوية”. يحكي الغاوي. وكشف المتحدث ذاته أن الفنان الإدريسي رغم أنه على فراش الموت، إلا أنه كان في كل لحظة يطلب من زوجته مده بآلة العود للعزف عليه غير آبه بالمرض الذي أنهكه. وبعد انتهاء الزيارة ترك محمد الغاوي رقم هاتفه لزوجة الفنان الإدريسي من أجل الاتصال به إذا ما استجد طارئ، وهو ما تم بالفعل، إذ على الساعة الثالثة صباحا من يوم الجمعة أبلغته أن صاحب أغنية “بنت بلادي زينة” غادر الحياة. وأشار الغاوي إلى أن الفنان الراحل لم يأت إلى المغرب منذ سنة، وكان يرغب في العودة إلى وطنه للموت به، لكنه قبل ثلاثة أشهر تدهورت حالته الصحية ولم يعد جسمه يقوى حتى على استكمال حصص تصفية الدم، وهو ما جعله يقرر عدم مغادرة فراشه لأنه كان يعاني كثيرا أثناء العودة من حصة العلاج إلى أن غادر الحياة على الساعة الثالثة صباحا من الجمعة الماضي. وأضاف “الإدريسي يعد هرما من أهرامات الأغنية المغربية، إذ توفي عن عمر يناهز 83 سنة، انطلقت بدايته الفنية من مكناس، ومصاهرته مع اسم كبير في ميدان التلحين الذي هو محمد بن عبد السلام، جعلت اكتشاف موهبة الإدريسي تكون مبكرا في الخمسينات، ومن روائعه “عندي بدوية” و”أنا سلاوي أنا رباطي” وأغنية “للا مولات الدار”، إضافة إلى مجموعة من الأعمال التي شكلت خزانا للإذاعة الوطنية في بداية الخمسينات والستينات والسبعينات”. وأشار الغاوي إلى أن مغادرة الإدريسي إلى فرنسا كانت في بداية الثمانينات بعدما جاء للاشتغال إلا أنه بعدما اكتشف مرضه استقر بها، مضيفا “رغم أنه استقر بفرنسا إلا أنه ظل ينتج روائع كثيرة وصلت إلى المغرب، وأخيرا تم تكريمه في القناة الثانية من خلال برنامج “مسار”. من جهة أخرى كشف أنور حكيم قيدوم الإذاعيين بالمغرب، وصديق محمد الإدريسي الأسباب الحقيقية وراء هجرة الفنان الراحل، من بينها أنه لم يجد الاهتمام الكبير في وطنه بعدما تم تفكك الجوق الإذاعي بمكناس. وأضاف حكيم في حديث مع “الصباح”، أن تفكيك الجوق الإذاعي بمكناس جعل صاحب رائعة “عندي بدوية” يهاجر إلى فرنسا، ورغم ذلك كان يحرص على زيارة المغرب كل صيف للقاء أهله وأصدقائه، وكان يراهن على العودة إلى وطنه للاشتغال به مرة أخرى لولا انشغالات الحياة، خصوصا أن الفنان لا يمكن له الاعتماد على مدخول الفن إذا أراد العيش. وتأسف حكيم للوضعية التي آل إليها فنان أعطى الشيء الكثير لوطنه وللفن المغربي، مشيرا إلى أن الإدريسي هاجر مضطرا للبحث عن لقمة العيش لأن مدخوله كان غير كاف في المغرب، ولأن ديار المهجر كانت متفوقة على المغرب في المجال الفني ومنح الفنان مكانته التي تليق به، سواء من ناحية شركات الإنتاج التي كانت تدعمه أو التشجيع الذي يحظى به من قبل الجالية المغربية والعربية هناك، إضافة إلى توفر مسارح العروض، وهو الحلم الذي كان يرغب الفنان المغربي في تحقيقه عندما كان يهاجر وطنه. تجدر الإشارة إلى أن الفنان الراحل يعد من بين رواد الأغنية المغربية، ففي الأربعينات من القرن الماضي سجل بعض الأسطوانات بباريس لشركة “فاطمة كوني”، وبعد ذلك عاد إلى المغرب بعد تأسيس جوق الإذاعة لمحمد عبد السلام بمكناس، وانظم إلى الجوق الذي يشرف عليه صهره محمد بن عبد السلام، إذ بدآ في الاشتغال معا، وكانت أول تحفة يقدمها الإدريسي “أوبريت الرباطي”. وبدأ يؤدي ما يسمى المونولوغ الغنائي “يا زهرة جيبي الصينية” و”عندي بدوية” و”محجوبة” وعدد من القطع التي كانت أغلبها من ألحان صهره محمد بن عبد السلام، وهذا ما جعله يتبوأ مكانة كبيرة في الساحة الفنية، خصوصا عندما كانت السهرة التلفزيونية تبث من إذاعة عين الشق بالبيضاء وكان الجمهور والمشاهد ينتظران بشوق جوق مكناس لأنه سيقدم مجموعة من النجوم ومن ضمنهم محمد الإدريسي. وبعد تفكيك الجوق اختار الراحل الإدريسي العودة إلى ديار الغربة بباريس وظل هناك يشتغل إلى أن وافته المنية.

الإدريسي يغادر قطار الحياة في صمت

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفكيك عصابة لسرقة سائقي "الطاكسيات"

نجاح "لمعلم" ورطنا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات