شعبة الدراسات الإسلامية قتلت التسامح

عنبي قال إن الدولة تركت آليات الضبط لفائدة أناس تشبعوا بالإسلام الحركي اعتبر عبد الرحيم عنبي أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن زهر (أكادير) أن شعبة الدراسات الإسلامية قتلت التسامح عند المغاربة، وأن الدولة تركت آليات الضبط لفائدة أناس تشبعوا بالإسلام الحركي، محملا إياها مسوؤلية كبيرة في "خونجة" المجتمع بضرب العلوم الاجتماعية والفلسفة وإعطاء أهمية للعلوم التقنية ولمدارس الهندسة والحط من قيمة الفكر وإقصاء المثقف. أجرى الحوار: ياسين قُطيب < كيف تفسرون مظاهر الميل نحو المحافظة في المجتمع المغربي؟ < صحيح أن المجتمع المغربي اليوم يتجه وبشكل كبير نحو التدين، إلا أن هذا لا يعني أن المغاربة كانوا غير متشبثين بالدين بل بالعكس من ذلك، ظل الإسلام دينا حاضرا في المكون الثقافي والنفسي، لكن، ما كان يميز المغاربة هو التدين الشعبي، كذلك، فقهاء المغرب في معظمهم كانوا يدرسون بالقرويين، حافظون للقرآن الكريم وبعض المتون العلمية، كالألفية والأجرومية وسيدي خليل وغيرها من المتون، التي تكون مرجعية أساسية للتدين بالمغرب. أما عامة الناس فقد غلب التدين الشعبي على معظم سلوكهم الديني وبالطبع فالإسلام ظل محكوما بالمرجعيات الثقافية التقليدية، منها الأمازيغية وما تحمله من تراث ديني والمسيحية واليهودية. < ألا ترون أن المغاربة كانوا أكثر انفتاحا في الستينات والسبعينات؟ < التنوع الثقافي أعطى انفتاحا على مستوى الممارسات الدينية وبالطبع ليس خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي فقط، ذلك أنه بالعودة إلى التاريخ نجد أن الممارسات الدينية، كانت في معظمها تتعاطى مع كل القضايا بالعقل والتبصر، اللهم بعض الدول التي تبنت في تأسيسها بعض المذاهب القادمة من المشرق. لكن، بعد انحطاط الغرب الإسلامي وإحراق كتب ابن رشد، سيعرف الإسلام بالمغرب منعطفا آخر، حيث سيتدخل الدراويش والمجاذيب وشيوخ الزوايا في تأويل النصوص الدينية، ما أدى إلى بروز إسلام انقسامي، ومع ذلك ظلت القرويين صامدة في وجه كل تلك التحولات، التي أنتجت غنى في الممارسة الدينية، وأسست لإنتاج إسلام شعبي يمارس من قبل عامة المغاربة وإسلام عالم يمثله علماء القرويين. ومنذ بروز حركة حسن البنا و ظهور تيارات الإسلام المعاكس لحركات الإصلاح بدأ التأسيس لحاكمية الله ولنصرة سلطان الفقيه، وعليه، ظهر علماء دين جدد، حيث نجدهم درسوا الطب والعلوم والهندسة ثم انخرطوا في سوق الفتوى. < هناك من يقول إن الدولة تتحمل جزءا من المسؤولية عن تسريع وتيرة مسلسل "خونجة" المجتمع، هل تتفقون مع ذلك؟ < صحيح أن الدولة، تتحمل مسؤولية كبيرة في "أسلمة /خونجة" المجتمع وذلك عن طريق ضرب العلوم الاجتماعية والفلسفة وإعطاء أهمية للعلوم التقنية ولمدارس الهندسة والحط من قيمة الفكر وإقصاء المثقف من مواقع اتخاذ القرار. أيضا، ضرب المدرسة العمومية عن طريق اتخاذ اللغة العربية وحدها هي لغة التدريس، ما أنتج أجيالا أو كما أسماها الراحل الأستاذ محمد جسوس "التعليم أعد جيلا من الضباع" لأن التعليم بلغة واحدة يساهم في قتل الانفتاح ويؤسس للانغلاق. أيضا، نشر الدراسات الإسلامية في كل المواقع الجامعية هذا السلوك الذي نعيشه اليوم، خاصة أن مشروع الدراسات الإسلامية جاء مباشرة بعد غلق مهد علم الاجتماع، لضرب الفكر القومي والاشتراكي الذي كان يتغذى من علوم الاجتماع. إن الدولة بعدم مراجعتها للعديد من القوانين، التي تضمنت انتهاكات للحريات الفردية وتضييقا على المعتقد الشخصي، جعلت خطاب الإسلام الحركي يتقوى أكثر فأكثر، إلى حد أن الدولة لم تعد تحتكر آليات الضبط ، التي أصبحت من اختصاص أناس تشبعوا بالإسلام الحركي. < ما هي في رأيكم وصفة العودة إلى الإسلام المغربي الأصيل الذي تميز منذ القدم بالاعتدال؟ < إن الإسلام المغربي، الذي يتميز بروح الاعتدال والتسامح تمثله المدارس العتيقة ومقررات التعليم التي كانت تعتمدها جامعة القرويين، ثم لا بد من مراجعة القوانين التي تضيق الحريات، كمسألة الصوم والعلاقة الجنسية خارج مؤسسة الزواج وغيرها من الممارسات، التي تخضع لعلاقة الفرد بالله. أيضا اليوم، الدولة المغربية مطالبة بتشجيع المثقف والفكر وإيلاء أهمية كبرى للعلوم الاجتماعية والإنسانية، على اعتبار أن هذه العلوم تغذي العقل وتجعله أكثر انفتاحا في حين العلوم الحقة تجعل المتعلم أكثر انغلاقا، ولعل قادة الإسلام السياسي في معظمهم تخرجوا من الشعب العلمية والطب والهندسة. سلاح ارتد على الدولة في ما يتعلق بخطاب الإسلاميين، فالدولة هي من صنعتهم في مرحلة معينة لضرب مسيرة التحرر وإكمال مسيرة الاستقلال، للأسف هذا التحرر والاستقلال اللذان رسمتهما الحركة الوطنية وجيش التحرير سرقا من قبل لوبيات وبورجوازية فاسية في كنف المدارس الفرنسية، هذا ما انتبه إليه اليسار المغربي في السبعينات وكانت المطالب بإصلاحات قوية، لكن للأسف كان الإسلاميون هم من واجهوا حركة اليسار، حيث اتخذتهم الدولة سلاحا رئيسيا في صراعها مع اليسار. ولعل واقع حال القبائل التي شاركت في المقاومة اليوم مازالت هي الأكثر فقرا، لننظر إلى قبائل أيت باعمران وقبائل اسماعلة والأطلس المتوسط والريف. في سطور - من مواليد أكادير سنة 1968 - باحث في علم الاجتماع القروي والتنمية - حاصل على الدكتوراه في علم الاجتماع القروي والتنمية. حول موضوع الأسرة القروية والتحولات السوسيو اقتصادية - أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن زهر أكادير - عمل أستاذا مساعدا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس الرباط، بين 2004 و2006 - خبير مستشار في عملية تقييم وتتبع برامج محو الأمية -خبير في التنمية والتهيئة المجالية، لدى مكاتب الدراسات والأبحاث -مكون في مجال محاربة الأمية الوظيفية -عضو مؤسس لجمعية الأساتذة الباحثين في السوسيولوجيا - عضو جمعية أم الربيع للبيئة والتنمية بني ملال

شعبة الدراسات الإسلامية قتلت التسامح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الفقر والأمية واللامساواة غيرت ملامح المجتمع

"الطرامواي" والأمن يشردان الرشاد

مقالات ذات صلة