فنون الحرب… رياضات عقيمة

خرجت رياضات فنون الحرب خاوية الوفاض من أولمبياد ريو 2016، كعادتها، بعدما كان الجمهور المغربي يمن النفس بصعود بعضها إلى منصة التتويج، خاصة في رياضتي التايكووندو والجيدو، إلا أنه تجرع مرارة الإخفاقات المتتالية والخروج المذل لأغلب رياضييها، عدا استثناءات قليلة. ولم تكتف هذه الرياضات بالهزائم والإقصاء المبكر، بقدر ما ”تفننت” في تبادل الاتهامات بين مسؤوليها وأطرها من جهة، وبينها وبين اللجنة الأولمبية، والتي حملت مسؤولية الإخفاق للعديد من الجامعات الرياضية، بسبب غياب التكوين والتأطير المحكم والتحضير الجيد للأولمبياد. التايكووندو...صدمة الثواني الأخيرة وحدها رياضة التايكووندو، التي كانت الأقرب إلى الصعود إلى منصة التتويج في الألعاب الأولمبية، بعد خوض رياضييها عمر حجامي ووئام ديسلام ونعيمة بقال المباريات الاستدراكية لإحراز ميداليات برونزية على الأقل. وبدا حجامي الأقرب إلى الفوز بميدالية برونزية لمناسبتين، بعدما نجح في الإطاحة بالبطل الإيراني أشور فارازان في ثمن النهائي، إلى أنه خسر في مباراة الترضية أمام الصيني زهاو. ولم يكن حال مواطنته نعيمة بقال في وزن 57 كيلوغراما أحسن، عندما خسرت أمام البريطانية جيد جونسون، ثم في المباراة الاستدراكية أمام البلجيكية رحيلة أسيمان. أما وئام ديسلام، فكان حظها عاثرا في التتويج بميدالية، بعد خسارتها أمام بطلة العالم المكسيكية إسبينوزا في الدقائق الأخيرة، علما أنها كانت متفوقة في أغلب أطوار المباراة، لتغادر الحلبة متوترة وغاضبة وغير متقبلة لهذه الهزيمة القاسية. ورغم فوزها في مباراة الترضية أمام الفلبينية، إلا أنها فشلت في الفوز ببرونزية بعد خسارتها في المباراة الاستدراكية أمام البريطانية نيبالا أمام استياء البطلة المغربية ومدربها حسن إسماعيلي. وتعد المرة الخامسة التي تغادر فيها رياضة التايكووندو الألعاب الأولمبية، بعد دورات سيدني 2000 و أثينا 2004 وبكين 2008 ولندن 2012 وريو 2016. وكان للفراغ، الذي عانته جامعة التايكووندو لمدة ثلاث سنوات، سببا مؤثرا وراء إقصاء الأبطال المغاربة تباعا، وذلك جراء غيابهم عن المنافسات الدولية، بسبب تجميد نشاط الجامعة. الجيدو...الإقصاء المنتظر ودع الجيدو المغربي منافسات الألعاب الأولمبية دون إنجازات تذكر، شأنه شأن باقي الرياضات، إذ تلقى أبطال هذه الرياضة هزائم متتالية. وباستثناء عماد باسو، الذي تأهل إلى دون الثمن في وزن 66 كيلوغراما، فإن أسماء نيانغ وغزلان زواق، غادرتا المنافسات مبكرا، في الوقت الذي راهن الجمهور المغربي على البطلة المغربية نيانغ للصعود إلى منصة التتويج، إلا أن هزيمته في الدور الأول أمام البرازيلية ماريا بورتيلا في وزن 70 كيلوغراما بفضل النقطة الذهبية، حرم عليها المنافسة على إحدى الميداليات. واعتبر عديدون أن إقصاء أبطال الجيدو في الأولمبياد تحصيل حاصل، بالنظر إلى المشاكل التي عاناها الأبطال المغاربة مع جامعتهم، سواء قبل التوجه إلى ريو أو في مقر إقامتهم في القرية الأولمبية، إذ اشتكى هؤلاء إبعاد مدربيهم وتعيين مدرب بديل من قبل الجامعة، والذي لم يلق الإجماع من قبل الأبطال الثلاثة. المصارعة... وتبادل الاتهامات لم تخالف رياضة المصارعة التوقعات، بإقصاء رياضييها في الأدوار الأولى، بسبب قلة التحضيرات وغياب برامج واضحة وضعف المستوى التقني. وأقصي كل من مهدي مسعودي في المصارعة اليونانية الرومانية في وزن 59 كيلوغراما وزياد أيت أوكرام في المصارعة اليونانية الرومانية وزن 75 كيلوغراما وشكير أنصاري في المصارعة الحرة وزن أقل من 57 كيلوغراما. ونالت المصارعة نصيبها من الإخفاق في أولمبياد ريو دي جانيرو، بعد عجز الأبطال الثلاثة عن المنافسة على إحدى الميداليات رغم تعيين مدرب إيراني وخوض معسكرات تدريبية مغلقة في أذربيدجان. وبدل أن ينافس المصارعون على إحدى الميداليات، نشب خلاف بين فؤاد مسكوت، رئيس الجامعة، ونور الدين بنعبد النبي، رئيس البعثة المغربية، حول المكملات الغذائية، والتي عرفت تصعيدا بين المسؤولين، خاصة بعد تبادل الاتهامات والاتهامات المضادة. وفتح مسكوت النار على بنعبد النبي في ريو دي جانيرو، معتبرا إياه مسؤولا عن المشاكل التي عاناها رياضيو المصارعة في القرية الأولمبية، إلا أن رئيس البعثة المغربية، الذي يشغل في الوقت ذاته أمينا لمال اللجنة الوطنية الأولمبية، رد بقوة، وأكد أن الجامعات الرياضية تتحمل مسؤولية إخفاق رياضييها، لغياب برامج واضحة وانعدام التحضير الجيد. ويرى مسكوت في تصريح ل»الصباح الرياضي» أن السقف المحدد يكمن في ضمان التأهل إلى الأولمبياد لا أقل ولا أكثر، مشيرا إلى أنه راهن على المشاركة في الأولمبياد بعد غياب 25 عاما، قبل أن يتابع «لا يمكنني أن أطالب الرياضيين الثلاثة بميداليات، لأن ذلك يتطلب برنامجا قد يمتد خمس سنوات على الأقل. وأعتقد أن الفوز بميدالية في أولمبياد طوكيو 2020 يتطلب العمل من اللحظة نفسها ووفق برنامج واضح». سلاح زكراني يتكسر إذا كانت التونسية أيناس البوبكري في رياضة المسايفة في اختصاص سلاح الشيش، توجت بالميدالية البرونزية في أولمبياد ريو دي جانيرو، فإن المغربية يسرى زكراني غادرت المنافسات مبكرا، بعد فشلها في تحقيق نتيجة إيجابية في أول حضور لها في الألعاب الأولمبية. وانهزمت زكراني أمام البطلة الصينية المصنفة 11 عالميا ب11 مقابل 4، لتؤكد البطلة المغربية عدم قدرتها على مواجهة بطلات عالميات. ولم يكن نصيب رياضة المسايفة غير الإخفاقات واجترار النكسات التي حصدتها رياضات فنون الحرب في الألعاب الأولمبية. إنجاز: عيسى الكامحي وصلاح الدين محسن غياب برامج إعدادية والتأطير سبب النكسة عادت غالبية الرياضات التي مثلت المغرب في أولمبياد ريو دي جانيرو خاوية الوفاض، ودون أن تترك أثرا من مشاركتها، رغم علمها بمحدودية ممثليها وضعف برامج استعداداتها. وألفت العديد من الرياضات الجماعية التي مثلت المغرب في الدورات السابقة، التستر وراء نتائج جامعات أخرى، خاصة الملاكمة وألعاب القوى اللتين تمكنتا من منح المغرب ميداليات، واكتفت في برامجها الإعدادية بضمان حضورها في الأولمبياد، دون البحث عن إجراء منافسات في المستوى، وتمثيل الرياضة المغربية أحسن تمثيل. ويعزى الحضور المتواضع لأغلب الرياضات عن منصات التتويج بالأولمبياد، وبعدها عن المنافسة المشرفة، إلى ضعف برامج إعداد الرياضيين، بالنظر إلى الشلل الذي أصاب لجنة الرياضيين من المستوى العالي، التي ظلت معطلة عن عملها، إذ أن لها الصلاحية في الاعتراف بالرياضيين الذين يشكلون هذه الفئة، كما أنها مسؤولة عن برامج تكوينهم. وافتقدت جميع الرياضات إلى برامج إعدادية قادرة على صناعة بطل أولمبي، إذ ركزت بالدرجة الأولى على التأهل، في الوقت الذي تعمل فيه دول أخرى على وضع برامج لحصد الميداليات. كما تغيب الواقعية عن جل الرياضات التي مثلت المغرب في الأولمبياد، إذ أنها تفتقد للتأطير السليم والاستعانة بالبرامج العلمية القادرة على صناعة بطل كل في تخصصه، وغير قادرة على مسايرة التطور الحاصل في كل نوع رياضي. كما لعبت المشاكل الداخلية بالجامعات دورا كبيرا في النتائج المحصلة، إذ أن جل الرياضات المشاركة تعرف مشاكل في لجانها المديرية، كما هو الشأن في رياضات تايكووندو والجيدو والمسايفة والرماية الرياضية والسباحة، إذ أضاعت المكاتب المسيرة الوقت الكثير في الصراعات بين الأعضاء ونسيت الجانب التقني واستعدادات الأبطال. كما أن برامج بعض الجامعات لا تستهدف بالدرجة الأولى صناعة أبطال للدورات المقبلة، ولا تهتم بالتكوين وتعزيز البنيات التحتية من أجل توفير مجال للممارسة.

فنون الحرب… رياضات عقيمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال المتهم الرئيسي في قضية "نادلة مكناس"

"الحنش" ... حياة الأمنيين بصيغة فكاهية

مقالات ذات صلة