الملاكمة … برونزية تنقذ ماء الوجه

شكلت رياضة الملاكمة الاستثناء في الألعاب الأولمبية، التي اختتمت الأحد الماضي في ريو دي جانيرو البرازيلية، بعد عودتها إلى منصة التتويج ببرونزية محمد ربيعي في وزن 69 كيلوغراما. وتعزز رصيد الفن النبيل في الألعاب الأولمبية بالميدالية الرابعة في تاريخ مشاركاتها مند دورة روما 1960، بعد إحراز محمد ربيعي برونزية في أولمبياد ريو، إذ رفعت الملاكمة رصيدها إلى أربع برونزيات، حصل عليها كل من الأخوين عبد الحق ومحمد عشيق في دورتي سيول 1988 وبرشلونة 1992، والطاهر التمسماني في أولمبياد سيدني 2000. وكانت الملاكمة الرياضة المغربية، الوحيدة المتوجة في الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو من أصل 13 نوعا رياضيا، ممن شاركوا في الدورة المنتهية، إذ لم تقو باقي الأنواع الرياضية على كسب الرهان، لتغادر الألعاب في الأدوار الأولى، أو خلال المراحل النهائية، بمن فيها رياضة ألعاب القوى، التي خرجت خاوية الوفاض لأول مرة منذ 32 عاما. وشاركت رياضة الملاكمة بثمانية ملاكمين وملاكمات في الألعاب الأولمبية، وهم محمد ربعي في وزن 69 كيلوغراما وأشرف خروبي في وزن 52 كيلوغراما ومحمد حموت في وزن 56 كيلوغراما وحسن سعادة في وزن 81 كيلوغراما، ومحمد العرجاوي في وزن 91 كيلوغراما، فيما يمثل العنصر النسوي زهرة الزهراوي في وزن 51 كيلوغراما وحسناء لشكر في وزن 60 كيلوغراما وخديجة مرضي في وزن 75 كيلوغراما. وراهن الفن النبيل على هؤلاء لإحراز العديد من الميداليات في ريو 2016، بالنظر إلى نتائجهم المحققة في السلسلة العالمية للملاكمة، إلا أن أغلبهم خالفوا كل التوقعات، خاصة الملاكمات، اللواتي غادرن الأولمبياد، بسبب أخطاء التحكيم. ورغم نيلها البرونزية، إلا أن الملاكمة المغربية تلقت صفعات متتالية، بداية بإبعاد الملاكمين سعيد حرنوف وحمزة البرباري عن الألعاب الأولمبية، بسبب تناولهما مواد منشطة، مرورا باعتقال الملاكم حسن سعادة في ريو دي جانيرو، بتهمة التحرش الجنسي ضد عاملتي نظافة في القرية الأولمبية، وانتهاء بالأخطاء التحكيمية، التي استهدفت الملاكمين المغاربة، خاصة محمد ربيعي في نصف نهائي وزن 69 كيلوغراما أمام منافسه الأوزبكي جياسوف شخرام، وحسناء لشكر أمام منافستها الصينية يين جونهوا في ثمن النهائي، إضافة إلى خديجة مرضي أمام الكازاخستانية داريغا شاكيموفا في ربع النهائي. إنجاز: عيسى الكامحي وصلاح الدين محسن "الكوتشينغ" يغضب الملاكمات وغادرت حسناء لشكر منافسات الألعاب الأولمبية من الدور الأول، بعد أن عرفت مباراتها في وزن ما بين 60 و57 كيلوغراما ظلما تحكيميا كبيرا، خاصة أنها كانت متفوقة على منافستها الصينية يين جان هو، إذ كانت تعقد عليها آمال كبيرة للمرور إلى دور ربع النهائي. كما استسلمت زهرة الزهراوي في نزالها الأول ضمن أولمبياد ريو، واعتبرت مشاركتها الأضعف من بين زميلتيها في المنتخب، ويتعلق الأمر بحسناء لشكر وخديجة مرضي، إذ أنها غادرت الأولمبياد من الدور الأول، بعد أن أقصيت على يد الفرنسية سارة أورحمون. ولم يثر إقصاء الزهراوي أي ردود أفعال، بحكم أن الملاكمة الفرنسية كانت متفوقة عليها في جميع الجولات، غير أن الضربة القاضية تلقتها خديجة مرضي عند خروجها من ربع النهاية على يد الملاكمة الكازاخستانية شاكيموفا داريغا في وزن ما بين 69 و75 كيلوغراما، إذ أبان التحكيم انحيازا كبيرا للأخيرة، وحرم المغرب من تحقيق أول ميدالية نحاسية في تاريخ الملاكمة النسوية. وشكل ضعف التأطير والتوجيه من قبل المدربين المرافقين للملاكمين المغاربة، نقطة ضعف للمشاركة النسوية في أولمبياد ريو، إذ أنهن لم يستغللن فرصة التتويج بميدالية نحاسية على الأقل، بالنظر إلى قلة المباريات التي خاضوها، ذلك أن مرضي كانت تفصلها مباراة واحدة عن الظفر بميدالية، فيما لشكر والزهراوي كانتا تفصلهما مباراتان فقط. ولم ترق الملاكمة النسوية إلى تطلعات محبي وعشاق هذا النوع الرياضي، إذ كان من الممكن أن تقدم الملاكمات مستوى أفضل، بالنظر إلى خبرتهن وتجربتهن، إذ سبق لهن أن خضن أولمبياد لندن 2012. التحكيم يحرم الملاكمين من ميداليات شكل التحكيم نقطة سوداء في منافسات الملاكمة بأولمبياد ريو دي جانيرو، إذ عانت بسببه جميع الدول المشاركة، باستثناء بعض المنتخبات التي تملك مسؤولين بارزين لها في الاتحاد الدولي، كما هو الشأن بالنسبة إلى كازاخستان وروسيا وكوبا. وأثار التحكيم في منافسات الملاكمة احتجاجات كثيرة من قبل الدول المشاركة، إلى درجة تهديد بعض الأبطال العالميين بالانسحاب من المشاركة في منافسات الألعاب الأولمبية مستقبلا، كما فعل الإيرلندي الشمالي كونلان مايكل عندما وجه حركة غير رياضية إلى الحكام، بعد أن منحوا الفوز للملاكم الروسي فلاديمير نيكيتين في وزن أقل من 56 كيلوغراما. ولم تستثن الملاكمة المغربية من ظلم التحكيم، وكان أكبر خصم واجهه الملاكمون المغاربة في أولمبياد ريو دي جانيرو، غير أنها ليست المرة الأولى التي عانوا بسببها مشكل التحكيم، إذ سبق لمحمد عرجاوي أن تلقى الضربة القاضية ذاتها من الحكام في أولمبياد لندن، بعدما كان قريبا من التأهل إلى نصف النهاية التي تمنحه إمكانية الفوز بميدالية نحاسية على الأقل. وعانى محمد ربيعي الذي كان مرشحا للفوز بميدالية ذهبية في وزن أقل من 69 كيلوغراما من ظلم التحكيم، عندما واجه الكازاخستاني شخرام ووجه له ضربتين على الأقل غير قانونيتين، ولم يحتسبهما الحكام، وتفوق في الجولتين الثانية والثالثة، غير أن الحكام كانوا يمنحون دائما التفوق لمنافسه، ما أثار استغراب ربيعي أثناء إعلان فوز شخرام الذي تمكن من بعد من الظفر بالذهبية. وساهم التحكيم في توقف مسيرة ربيعي، وفي ضياع فرصة تتويج الملاكمة المغربية بأول ذهبية منذ مشاركتها في الألعاب الأولمبية، أو على الأقل ميدالية فضية عندما كان سيخوض النهائي. ولم تكن قضية ربيعي مع التحكيم الوحيدة التي عانتها الملاكمة المغربية في أولمبياد ريو دي جانيرو، إذ واجهت حسناء لشكر وخديجة مرضي المشكل ذاته، وأقصيتا بفضل انحياز التحكيم لمنافستيهما، ما أضاع على المغرب الفوز بأول ميدالية في الملاكمة النسوية. كما واجه ياسين خروبي المصير ذاته مع التحكيم، عندما منح التفوق للكوبي يوسفاني فيتيا في الجولات الثلاث، وأضاع عليه فرصة الاقتراب من اللعب على إحدى الميداليات. ولم تبد البعثة الرياضية المرافقة للمنتخب الوطني للملاكمة أي ردة فعل على التحكيم، كما أنها لم تجرؤ على انتقاده، خاصة في مباراة ربيعي التي عرفت تحيزا تحكيميا كبيرا. قضية سعادة تثير الجدل عكرت قضية اعتقال الملاكم المغربي حسن سعادة صفو مشاركة الفن النبيل في الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو، وذلك بسبب تأثيرها على الحضور الذهني للملاكمين، والوفد المرافق له. وتسبب الاعتقال في حرمان الملاكم سعادة من خوض نزاله الأول أمام التركي محمد ندير في وزن 81 كيلوغراما. واعتقلت السلطات الأمنية البرازيلية الملاكم سعادة الجمعة الماضي بأمر قضائي، بتهمة التحرش بعاملتي نظافة في الغرفة بالقرية الأولمبية. وأصيب الوفد المغربي بذهول لحظة اعتقال سعادة من قبل أمن ريو دي جانيرو ساعات قليلة قبل افتتاح الألعاب الأولمبية، ويوما واحدا قبل دخول الملاكم المغربي حلبة التباري. وخضع سعادة للتحقيق أسبوعا كاملا، بناء على شكاية تقدمت بها عاملتا نظافة إلى الشرطة المحلية، تتهمان فيها المغربي بالتحرش بها، علما أن القانون البرازيلي يصنف التحرش ضمن خانة محاولة الاغتصاب. وأربك حادث اعتقال سعادة البعثة المغربية ورئيسها نور الدين بنعبد النبي والسفير المغربي المعتمد في البرازيل، والذي انتدب محاميا للدفاع عن الملاكم المغربي. وأمام تعنت الشرطة القضائية في ريو دي جانيرو، لجأت اللجنة الوطنية الأولمبية إلى المحكمة الفدرالية البرازيلية للطعن ضد استمرار الملاكم سعادة رهن الاعتقال الاحتياطي. وبعد طول انتظار، أفرج قاض بالمحكمة نفسها عن الملاكم سعادة بشروط، بعد حجز جواز سفره، ومنعه من دخول القرية الأولمبية، أو مغادرة البرازيل إلا بترخيص قضائي. واعتبر الوفد المغربي أن قرار الإفراج عن الملاكم سعادة منصف، لغياب أدلة ملموسة عن واقعة التحرش. وأثارت قضية اعتقال الملاكم سعادة زوبعة في ريو دي جانيرو، خاصة من قبل الإعلام الأجنبي، الذي تحدث عن الواقعة بإسهاب، كما دخلت منظمات نسائية في البرازيل لإدانة سعادة. وكان من تداعيات هذه القضية، تعرض الملاكمين المغاربة للعديد من المضايقات من قبل الصحافة الأجنبية، بعدما اتخذت قضية سعادة أبعادا أخرى، في محاولة منها لإدانة الملاكم المغربي، والتأثير على تركيز باقي الملاكمين المغاربة. وأكد مصدر من ريو دي جانيو، أن الجمعيات النسائية تمارس ضغوطات على القضاء البرازيلي من أجل استمرار حبس الملاكم المغربي، مطالبا إياه باتخاذ عقوبات في حق الملاكم المغربي. وأخذت قضية سعادة حيزا كبيرا في نشرات القنوات التلفزيونية المحلية، إذ استغلت هذه الواقعة لإدانة الملاكم المغربي مقابل تقديم المشتكيتين ضحيتين. وكشف مصدر من ريو أن الإعلام الأجنبي تحدث عن سعادة، كما لو أنه مجرم. ولاحتواء كل ما من شأنه التأثير على تركيز الملاكمين خلال النزالات المبرمجة، أصدرت الجامعة بلاغا تدعو فيه الصحافة المحلية إلى عدم الانسياق وراء بعض الأخبار المغلوطة، مشددة على ضرورة مؤازرة الملاكمين المغاربة في جميع نزالاتهم، كما دافعت الجامعة عن سعادة بخصوص الاتهامات الموجهة إليه.

الملاكمة … برونزية تنقذ ماء الوجه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إقحام أميرة إماراتية للنصب على مقاول

تفكيك عصابة لسرقة الفيلات بالبيضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات