الإدريسي… محال واش ينساك البال

توديع الحسن الثاني «آخر لقاء لي مع الحسن الثاني رحمه الله كان قبل ثلاث سنوات على وفاته، ولكن كانت هناك مؤشرات على قرب أجله إذ كان التعب باديا على محياه، جلالة الملك الحسن الثاني تغير كثيرا في مراحل حياته الأخيرة، لكن رغم مرضه إلا أنه كان يشارك في أنشطته الرسمية وحفلاته اعتبارا لشخصيته القوية والكبرياء الذي يتمتع به وهو ما يمنعه من الاستسلام للتعب والمرض" يحكي الإدريسي. وأضاف صاحب أغنية "عيشي يا بلادي عيشي" أن الحسن الثاني تعب كثيرا بفعل تحمله مسؤولية خدمة شعبه ووطنه، خصوصا قضية الصحراء التي أخذت من جهده الكثير حتى يحافظ على الوحدة الترابية ومجابهة أعداء الوطن. ويحكي محمود أنه في إحدى الليالي التي حضر فيها بصفته المغني الوحيد الذي سيحيي سهرة خاصة بالحسن الثاني بالقصر الملكي بمراكش، وهي السهرة التي لم يحضر فيها الوزراء ولا المسؤولون الساميون، قال له جلالته إنه الوحيد الذي دعي لإحياء حفل الليلة رفقة الجوق الملكي مشيرا إليه بأنه سيعيد أداء مجموعة من الأغاني التي حفل بها ربرطواره الفني. "الحسن الثاني كان هو أوركسترا الحفل إذ كان يشرف على الحفل والفرق الموسيقية شخصيا، واختار جلالته أن نبدأ بأغنية "عيشي يا بلادي"، وبينما كنا نغني تلقى اتصالا هاتفيا من أحد المسؤولين في الجيش وبدأ في إصدار تعليماته، وأثناء ملاحظتي للغضب الذي كان باديا على محياه ظننت أنه سيوقف الحفل، إلا أنه أمرنا بمواصلة العزف والغناء وهو ما يشير إلى أن جلالته كان مختلفا عن باقي الناس إذ يتميز بشخصيته القوية وحنكته اللتين جعلتاه يعرف كيف يتعامل مع كل حدث على حدة وكيف يمكن أن يكتم غضبه، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الحسن الثاني رحمه الله كان شخصية فذة بمعنى الكلمة"، يقول الإدريسي. وأضاف الإدريسي "الحسن الثاني ليس ملكا عاديا إذ الخبر الذي تلقاه عبر الهاتف يحتم عليه البقاء يقظا وهو ما سيفعله عن طريق مواصلة السهرة، وبمجرد أن أنهى مكالمته، أمرنا باستئناف العزف والغناء وكأن شيئا لم يقع، وكنت ألاحظ أنه كلما واصلنا السهرة حتى يتلقى مكالمة أخرى وتتغير ملامح وجهه، إلا أنه يعود مرة ثانية لاستئناف السهرة حتى يظل متتبعا لتطورات الملف الذي يشرف عليه، الحسن الثاني ملك عانى من أجل راحة شعبه". ويتذكر محمود الإدريسي حكايات لقائه بالراحل الحسن الثاني وهو يغالب دموعه "لن أنسى مواقف الحسن الثاني معي سواء في الأفراح والأحزان التي عشتها، كان دائم العطف علي ويشعرني بأن مكانتي كبيرة لدى جلالته، وهو ما كان يؤكد أن الملك كان راعي الفنان ومنصتا لشعبه". كان من مظاهر إعجاب الحسن الثاني بالإدريسي أنه كان يهديه بذله الخاصة، التي ما زال محمود يحتفظ بها، إذ بلغ مجموعها 16 بذلة تتوزع بين المعطف والبذل. «كان الراحل الحسن الثاني يحضر الهدية بيديه ويسلمها لي بنفسه، وهو ما يدل على رضاه التام علي ومحبته لي، ودليل آخر على أن ذمة الفنان نقية لدى جلالته، وكان دائما يسدي لي نصائح تنفعني في حياتي الفنية والشخصية ومن أبرزها ضرورة الحفاظ على أخلاقي الحسنة»، يقول محمود الإدريسي. وحدث أن سأل الملك الحسن الثاني الفنان محمود الإدريسي عن مصير البذل التي كان يهديها له أثناء إحيائه لسهرات القصر، مشيرا إليه أنه يمكن أن يكون قد باعها في أحد الأسواق، وهو ما جعل صاحب أغنية "محال واش إنساك البال" يجيب بأنه ما زال يحتفظ بها بالكامل، كيف لا وهي هدايا لا تقدر بثمن من أغلى شخص على قلوب المغاربة، قبل أن يخبره الحسن الثاني أنه يعرف ذلك وأن سؤاله لا يتعدى ممازحته. وفي أواخر حياته كان الحسن الثاني يمزح مع مطربه المفضل قائلا له "ما بقا ما نعطيك، أنا كانضعاف وانت كاتغلاظ" وهي العبارة التي تعني أن مبدع المسيرة الخضراء بدأ يجتاز مراحله الأخيرة في الحياة. "الكساوي اللي كنت كانعطيك راهم ما بقاوش غايجيو قدك، راك شفتيني أنا كيف وليت، أنا راني قربت نموت، إلا أنني أجبته ما تقولش هاكا أسيدنا، الله إطول لينا في عمرك ويزيد في مددك، وما إن أنهيت كلامي حتى أجابني "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام". وهي آخر مرة سألتقي فيها جلالته قبل أن يفجع المغرب بخبر وفاته الذي كان خسارة كبرى للمغاربة والعالم أجمع" يقول محمود الإدريسي. محمد بها

الإدريسي… محال واش ينساك البال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شهيوات ... باكيط بكريمة اللوز والشوكولاتة

مختصرات

مقالات ذات صلة