“حمامات شمس” أمام مطار محمد الخامس

إجراء منع غير المسافرين من الدخول رهن المئات منهم تحت أشعة الشمس دون مستظل أو ماء تحول مدخل مطار محمد الخامس إلى "حمامات شمس" أخيرا، بعد فرض سلطات المطار والمصالح الأمنية المختلفة، نظاما جديدا لتدبير هذا المرفق الحيوي، الذي يمر عبره أزيد من ثمانية ملايين مسافر سنويا، إذ منعت دخول المسافرين ومرافقيهم إلى داخل المطار، الأمر الذي أجبر المئات على الانتظار في الخارج، تحت أشعة الشمس دون مستظل، في ظل غياب فضاءات مجهزة للانتظار، في الوقت الذي تحركت السلطات متأخرة لاحتواء موجة احتجاج ما فتئت تتصاعد من قبل المرتفقين، بالتزامن مع ارتفاع حركة النقل الجوي، خلال موسم عودة المعمرين من الديار المقدسة، حين شرعت في تثبيت بعض الخيام عند منفذ الخروج بالمحطة الثانية بالمطار، إلا أن هذه الخطوة لم تلق ترحيبا من قبل أغلب الزوار، الذين استرسلوا في الشكوى عن ساعات انتظار في الجحيم، عمقها طول الفترة الزمنية التي تستغرقها إجراءات المراقبة والتفتيش، بين الطائرة وبوابة الخروج، فانتقلت من نصف ساعة، إلى أزيد من ساعة في أحسن الأحوال. الساعة تشير إلى العاشرة صباحا، ذروة نشاط حركة المسافرين والنقل الجوي بمطار محمد الخامس الدولي. مئات الزوار محشورين أمام منافذ الدخول والخروج بالمحطة الثانية، طلبا للاحتماء من أشعة الشمس الحارقة، تحت مستظل إسمنتي صغير، لا يتسع إلا لبضع عشرات منهم. منظر التجمع البشري، حول المطار إلى شبه سوق أسبوعي، يؤثثه صياح الحمالين وموزعي شرائح الاتصال الهاتفية وسائقي سيارات الأجرة. "هادا ماشي استقبال"، بهذه الكلمات، اختصر عبد الرحيم، مرتفق، غضبه من ظروف انتظار وصفها بـ"غير الإنسانية"، وهو يستعد لاستقبال ابنه الطالب في فرنسا، موضحا أنه مثل غيره من المرتفقين يثمن تشديد الإجراءات الأمنية في المطار، بعد الهجمات الإرهابية التي ضربت مطارات دولية، مثل مطاري بروكسيل واسطنبول. تمر الدقائق سريعا، وتتعالى الزغاريد والصراخ بين الفينة والأخرى، بخروج هذا المعتمر أو ذاك، من أحد مدخلي المحطة الثانية، الذي تحول مؤقتا إلى مخرج، مع الشروع في تثبيت خيام عند المخرج الاعتيادي، إذ يستقبل المسافرون من قبل ذويهم بحميمية وشغف، لا يفسرها طول الغياب، وإنما طول الانتظار أمام المطار، تحت وطأة شمس حارقة، سرعان ما استقرت في كبد السماء، وألهبت السيارات المركونة في الموقف المجاور للمحطة، ذلك أن بعض المرتفقين، لم يتحملوا الوقوف في العراء، فقرروا المكوث في سياراتهم، إلى غاية وصول ذويهم، وهو الوضع الذي وصفه مصطفى، مرتفق، حل بالبيضاء قادما من سطات، لاستقبال والده المعتمر، بـ"المأساوي"، بالنظر إلى المشاق التي تحملتها والدته وأطفاله، الذين أصروا على مرافقته، خصوصا في ظل غياب نقط لبيع المياه الصالحة للشرب والمأكولات، التي ظل بلوغها داخل المطار عصيا على المرتفقين من غير المسافرين، إلى جانب مراحيض عمومية. "خيام العار" مرت مدة طويلة على الشروع في تنفيذ إجراء منع غير المسافرين من دخول المطار، قبل أن تحس السلطات بتداعيات قرارها على المرتفقين، موازاة مع موجة الحرارة التي تشهدها المملكة حاليا، إذ عاينت "الصباح" عملية تثبيت خيام على جانبي مخرج المحطة الثانية، لغاية توفير فضاء يقي المنتظرين أشعة الشمس، إلا أن هذه الخطوة لم ترق بعض الزوار، خصوصا سعيد، سائق خاص بإحدى شركات النقل السياحي، مؤكدا أنه دائم الزيارة للمطار بحكم عمله، إذ يقل شخصين أو ثلاثة يوميا، موضحا أنه عانى خلال الفترة الماضية بسبب الانتظار ساعات طويلة تحت الشمس، معلقا على الأمر بالقول، "هذه هي اللي كيقولو عليها خيام العار في التلفزيون"، في إشارة إلى مخيمات تندوف بالجزائر، مضيفا "أين الإنسانية في توفير خيام دون تجهيزات، مثل المراحيض والمقاهي، وتنظيم مجال ركن السيارات". واتخذت الخيام البيضاء شكل صفين متوازيين، لغاية إتاحة الفرصة لخروج المسافرين، وضمان سلاسة المرور من الحاجز الأمني الخارجي، الذي تدبره مصالح الأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة، في الوقت الذي أكدت مصادر من داخل مطار محمد الخامس، ارتفاع رواج النقل الجوي خلال الفترة الراهنة، إذ تتعاقب الطائرات على المطار، ما تسبب في اكتظاظ داخل المنشأة، خصوصا على مستوى حواجز التفتيش الأمنية والجمركية وشبابيك مراقبة جوازات السفر، إلا أن هذا الاكتظاظ لم يدهش فرانك، سائح فرنسي، حل بالمغرب لتمضية العطلة مع ابنته التي تشتغل في إحدى الشركات متعددة الجنسيات بالبيضاء، موضحا أن واقع التشدد الأمني مشابه لما يقع في مطارات فرنسا، غير أنه عاد ليؤكد، عدم منع السلطات الفرنسية لغير المسافرين من دخول المطار، وانتظار ذويهم وأصدقائهم. "زيرو مراحيض" النساء والأطفال يمثلون الأغلبية بين جيش الانتظار المرابض أمام بوابات المحطة الثانية لمطار محمد الخامس، إذ قرر بعضهم الاسترخاء فوق عربات الجر الخاصة بالأمتعة، فيما افترش البعض الآخر الأرض، في ظل غياب كراس، والأهم من ذلك مراحيض، تلبي الاحتياجات الطبيعية للمنتظرين، خصوصا الفئة المذكورة، ذلك أن الفضاء لا يتوفر إلا على مرحاض صغير مقابل لموقف سيارات الأجرة، لا يوفر شروط الخصوصية والنظافة، التي يفترض وجودها في مطار دولي بمواصفات عالمية، وهو الأمر الذي عاينته "الصباح" خلال جولة في المنطقة، علما أن المرحاض الوحيد المتوفر، تدبره عاملة نظافة واحدة، تتقاضى إكراميات عن استخدامه كل مرة. "زيرو مراحيض"، بهذه الكلمة أجاب محمد، مرتفق، ينتظر عودة والدته من زيارة لشقيقه في إيطاليا، موضحا بسخرية، أن الشعارات كثرت هذه الأيام بين "زيرو ميكا" و"زيرو كريساج"، الأمر الذي ينطبق على الوضع الحالي، متسائلا بالقول، "كيف يعقل ترك الزوار في العراء دون خدمات؟"، وهو الموقف الذي تشاطره معه عدد من الشباب الذين تحلقوا حوله، فيما أكد أحدهم أنه نشر بعض "مآسي الانتظار" على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، احتجاجا على سوء التدبير في المطار، الذي يفترض أنه الأكبر والأكثر تطورا في المملكة، بينما شرع بعض هؤلاء الشباب في مقارنة المطار بغيره من المطارات العالمية والعربية، مثل مطار دبي. بدر الدين عتيقي "الباركينغات" الباهظة للاحتماء من الشمس تسببت حالة الانتظار غير العادية أمام مدخل مطار محمد الخامس، في ازدحام مواقف ركن السيارات "الباركينغات"، التي امتلأت عن آخرها بالمركبات، إذ لجأ بعض المرتفقين الهاربين من أشعة الشمس والحرارة، الاحتماء في سياراتهم إلى حين خروج ذويهم أو أصدقائهم، علما أن فضاءات الركن المؤقت البعيدة عن المدخل، تستخلص ما قيمته خمسة دراهم عن كل ساعة ركن، وثمانية خلال ساعتين، وعشرة دراهم في حال ركن السيارة ثلاث ساعات متواصلة، فيما تصل الكلفة إلى 35 درهما في حال الركن لمدة 24 ساعة، مع التمييز بين فضاءات ركن مفتوحة وأخرى مغطاة، تستلزم أداء مبلغ 45 درهما عن كل يوم ركن بالموقف.

“حمامات شمس” أمام مطار محمد الخامس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مخلفات الشمندر تهدد أسماك أم الربيع بالنفوق

مرتدون

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات