أتلاتي: الجهوية الموسعة المبرر الوحيد لاستمرار الثنائية البرلمانية

المتخصص في العلوم السياسية قال إن نظام الغرفتين تسبب في اختلال العمل التشريعي قال طارق أتلاتي، أستاذ جامعي في كلية الحقوق بالمحمدية، إن مشروع الجهوية المتقدمة هو المبرر الوحيد لاستمرار الغرفة الثانية. وأوضح أتلاتي أنه سيكون من الضروري تغيير تركيبة هذا المجلس وإعادة النظر في اختصاصاته لتصبح مغايرة للغرفة الأولى، و»نصل إلى عمل متكامل بين الغرفتين وليس تناقضا»، على حد قول أتلاتي. وفي رأي الأخير، فإن مجموع الاختلالات التي برزت على مستوى أداء الغرفة الثانية هو الذي يفرض الأخذ بعين الاعتبار المقترحات الجدية للأحزاب في أفق إعادة النظر في تركيبة هذه الغرفة، وفي ما يلي نص الحوار: بمناسبة إطلاق ورش الإصلاح الدستوري طرحت ضرورة إصلاح الغرفة الثانية، إذ تقدمت أحزاب بمجموعة من المقترحات، ما هي قراءتك لأهم ما ورد في تصورات الأحزاب؟بداية تنبغي الإشارة إلى أنه اليوم هناك قناعة لدى الجميع، على أن الحراك الذي يعرفه المغرب يعتبر لحظة تاريخية في حياة المغاربة تحتم ضرورة الاستعجال في الاستمرار في التطور الإيجابي المؤسس له منذ عقدين. هذا الحراك أنتج نوعا من الفعل ورد الفعل الإيجابي في التجاوب مع المطالب الشعبية، ما جعل نهاية الاختلال الذي عرفته المراحل السابقة على مستوى التوازن بين السلط والمنعكس سلبا على تدبير الملفات السياسية والاقتصادية، أمرا حتميا.ومن أهم الجوانب المثارة بشكل بارز لدى بعض الأحزاب من خلال مذكراتها المرفوعة إلى اللجنة المكلفة بتعديل الدستور، الإصلاحات الضرورية الخاصة بالمؤسسة التشريعية من خلال تمتيعها بصلاحيات واختصاصات في إطار رغبة ضمان توازن فعلي بين السلط.ولاشك أن دستور 1996 غير من صورة البرلمان بإدخال نظام الغرفتين، ولعل أهم الأخطاء التقنية المرتكبة آنذاك هي منح الاختصاصات نفسها، وعلى قدر المساواة بين المجلسين، وهو ما نتج عنه اختلالات جسدتها عرقلة العمل التشريعي للبرلمان، وفي واقع الأمر تباينت مقترحات الأحزاب السياسية بشأن دور الغرفة الثانية بشكل واضح وتراوحت بين المقترح المحتشم الذي يمشي في بقاء الوضع على ما هو عليه مع الزيادة في الصلاحيات، وبين المقترح الجريء الذي ذهب في اتجاه تفعيل المقترح الملكي من خلال التنصيص على أن تشكيلة مجلس المستشارين يجب أن تخضع لتمثيلية الجماعات الترابية بكل مستوياتها لترسيخ اختيار اللامركزية. كما أن هذه الغرفة الثانية هي التي كانت تجسد على أوسع مدى مفهوم البنية الفوقية للبرلمان في الاتجاه السلبي من خلال المنظور البيروقراطي لتمثيلية الشعب الذي تجسده فئة عريضة داخل هده الغرفة، بالإضافة إلى أنها تعرف أعلى مستوى من الفوضى وعدم الانضباط سواء من حيث تغيير لون الانتماء أو عدم الحضور والالتزام بأمانة خدمة الشعب، وهو ما حذا بأحد الأحزاب إلى طرح اقتراح يفيد أن كل من يغير انتماءه السياسي يفقد عضويته بالمجلس، وهو طرح نعتبره وجيها.بمعنى آخر، هل بإمكان هذه المقترحات أن تساعد على تجاوز الأخطاء التي أفرزها نظام الغرفتين ببلادنا منذ اعتماده في التسعينات؟بطبيعة الحال، فمجموع الاختلالات التي برزت على مستوى أداء هذه الغرفة الثانية هو الذي يفرض الأخذ بعين الاعتبار المقترحات الجدية للأحزاب السياسية وأيضا الدعوة الصريحة لجلالة الملك لإعادة النظر في تركيبة هذه الغرفة. وفي هذا الإطار ينبغي أن نشير إلى أن النقاش الذي كان دائرا في السابق حول إلغاء أو إبقاء على هذه الغرفة لم يعد مطروحا على اعتبار أنه اليوم يستجيب بشكل قوي لمعطى الجهوية الذي أراده المغرب كخيار استراتيجي خصوصا بعد النقاش العمومي الذي أثاره المشروع المتقدم من طرف اللجنة المعنية من طرف جلالة الملك، وبالتالي اليوم، ومع هذه المقترحات، وجب في التعديل المرتقب أن يكون حاسما في طبيعة واختصاصات مجلس المستشارين بالنظر إلى الحصيلة التشريعية والرقابية، وكذا النظر في طبيعة تركيبته الاجتماعية التي يسيطر عليها الأعيان وأصحاب المال غير المؤهلين سياسيا وتقنيا للعب هذا الدور في التمثيلية على مستوى قبة البرلمان، لأن من شأن ذلك أن يبعد عنها أصحاب الأموال المشبوهة، خصوصا أن هذه الدورة طالعتنا بنوع صارخ وفاضح من الابتعاد عن الدور الأساسي للغرفة من خلال اعترافات مستشارين بالاتجار في المخدرات.في الخطاب الملكي لتاسع مارس، وردت إشارة صريحة إلى ضرورة إصلاح الغرفة الثانية، ما هي في نظرك أهم الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتجاوز النسخة الماضية وتقديم هذه المؤسسة في حلة جديدة من شأنها أن تساهم في تفعيل مشروع الجهوية الموسعة؟بالتأكيد أن الإشارة القوية التي حملها الخطاب الملكي ل9 مارس كانت ترمي في اتجاه إعادة النظر في تركيبة هذه الغرفة بما يخدم المرحلة المقبلة التي سيطل عليها المغرب بنصوص دستورية ترتقي بالمغرب إلى مصاف الدول المتقدمة؛ ويبقى أن تجاوز النسخة الماضية ورسم حلة جديدة تليق بمرحلة تفعيل مشروع الجهوية بعد أن تتم الموافقة عليه، يحتم أولا وقبل كل شيء أن تخضع التركيبة بشكل تام لتمثيلية الجماعات الترابية على أساس إعادة الاعتبار للأحزاب السياسية من خلال تحميلها المسؤولية الكاملة في إنتاج النخب السياسية القادرة على خدمة اللحظة التاريخية التي يمر منها المغرب، من خلال توفرها على مؤهلات علمية عالية تليق بمستوى المغرب ودرجة تطوره من جهة، ومن جهة أخرى توفرها على التأطير السياسي اللازم لإدارة أي نقاش سياسي هادئ وهادف يحسن من صورة هذه الغرفة بدل إنتاج الشعبوية، وفي كثير من الأحيان تحويلها إلى مسرح لتصفية حسابات شخصية ضيقة سمتها الانتهازية والنفعية.ويكفي أن نشير إلى تصريح الوزير الأول عباس الفاسي الذي اعتبر هذه الغرفة تخضع للوبيات في اتخاذ القرارات وما أعقب هذا التصريح من تراشق كلامي منقول على شاشة التلفزة لم تضبطها لقوانين الداخلية، بل فقط تطييب الخواطر وهو مؤشر قوى على ضرورة تفعيل المرحلة المقبلة بالقادرين سياسيا وعلميا على خدمة المرحلة.الأكيد أن مشروع الجهوية المتقدمة سيضع مجلس المستشارين في الواجهة، ما هي الأدوار التي سيقوم بها هذا المجلس؟أكيد أن مشروع الجهوية المتقدمة هو المبرر الوحيد لاستمرار هذه الغرفة، لأننا سنكون أمام مجلس بتركيبة مغايرة واختصاصات مخالفة ومنهجية عمل متكاملة مع الغرفة الأولى، وبذلك سيلعب دورا كبيرا حتى من خلال القيمة المضافة والنوعية التي سيقدمها للمشهد السياسي برمته، علما أن المبرر السابق لإنشائها لم يعد حاضرا بعد تفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي كمؤسسة دستورية ضامنة لتمثيلية الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، زهو ما يؤشر من دون شك على معركة سياسية ستقودها بعض النقابات ضدا عن مقترح الملك الداعي إلى التمثيلية الطبيعية للنقابات في إطارها الخاص بها. ومن هذا المنطلق إدا تم تفعيل هذا المجلس من منطلق المقترحات الجادة الهادفة إلى خدمة المصلحة العليا للبلاد، فإنه سيلعب دور الضامن القوي لإرساء مبادئ الديمقراطية المحلية بالمغرب بكل تجلياتها وانعكاساتها التراتبية.في إطار إعادة توزيع الاختصاصات بين مجلسي النواب والمستشارين، كيف يمكن عمليا ضمان مبدأ التكامل بين الغرفتين وتفادي التكرار؟صحيح أن إعادة النظر في صلاحيات الغرفة الثانية مقارنة مع اختصاصات مجلس النواب، ستسمح بأن تمنح صلاحيات واسعة جدا لمجلس النواب (من خلال احترامه لضوابط الديمقراطية سواء في التمثيل أو الأداء)، مقابل تقليص صلاحيات الغرفة الثانية، خصوصا أن مجلس النواب ينتخب بشكل مباشر، وهو الأمر المعمول به في جل الأنظمة الديمقراطية المعاصرة كالنظام الأمريكي، ومن شأن ذلك أن يبعد المجلسين عن الاجترار في الأداء البرلماني، وأن يتم بالمقابل، تفعيل الدور التنسيقي لأعمال اللجان المختلطة، وهو أمر سبق أن نبه إليه جلالة الملك في خطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية الثامنة. أجرت الحوار: نادية البوكيلي

أتلاتي: الجهوية الموسعة المبرر الوحيد لاستمرار الثنائية البرلمانية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إجماع حول ضرورة تصحيح مسار الغرفة الثانية

نقابات ضد مراجعة تركيبة مجلس المستشارين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات