مدن بدون صفيح… فضائح إعادة الإيواء

رجال وأعوان سلطة متورطون في إفساد العملية وأسر استفادت بدون موجب حق لم يتجاوز عدد المدن بدون صفيح 53 مدينة، والكلام لنبيل بنعبد الله، وزير السكنى وسياسة المدينة، بالخميسات لمناسبة إعلانها مدينة بدون صفيح، في حين أن الهدف المحدد، حسب الوزير دائما، كان الوصول إلى 80 مدينة بدون صفيح. واكتفى الوزير، لتبرير هذا الإخفاق، بإعطاء بعض الأسباب مثل صعوبات استخلاص مساهمات السكان المستفيدين من البرنامج، والزيادة في عدد الأسر المعنية، التي سجلت زيادة بحوالي 120 ألف أسرة، بفعل الهجرة القروية. ويلاحظ أن الحواضر الكبرى هي المناطق التي عرفت إخفاقا أكبر، في حين أن البرنامج عرف نجاحا في بعض المدن الصغرى. لذا حاولت «الصباح» التركيز على بعض نماذج الإخفاق في العاصمة الاقتصادية والبحث عن الأسباب التي جعلت بعض العمليات تفشل ولا تحقق الأهداف المتوخاة منها. إنجاز المصطفى صفر وعبد الواحد كنفاوي – تصوير عبد اللطيف مفيق لم يتجاوز عدد المدن بدون صفيح 53 مدينة، والكلام لنبيل بنعبد الله، وزير السكنى وسياسة المدينة، بالخميسات لمناسبة إعلانها مدينة بدون صفيح، في حين أن الهدف المحدد، حسب الوزير دائما، كان الوصول إلى 80 مدينة بدون صفيح. واكتفى الوزير، لتبرير هذا الإخفاق، بإعطاء بعض الأسباب مثل صعوبات استخلاص مساهمات السكان المستفيدين من البرنامج، والزيادة في عدد الأسر المعنية، التي سجلت زيادة بحوالي 120 ألف أسرة، بفعل الهجرة القروية. ويلاحظ أن الحواضر الكبرى هي المناطق التي عرفت إخفاقا أكبر، في حين أن البرنامج عرف نجاحا في بعض المدن الصغرى. لذا حاولت «الصباح» التركيز على بعض نماذج الإخفاق في العاصمة الاقتصادية والبحث عن الأسباب التي جعلت بعض العمليات تفشل ولا تحقق الأهداف المتوخاة منها. خروقات...وقع الاختيار على دوار الحمدي، باعتباره من أحياء الصفيح القديمة والتي أصبحت تحاذي تجمعات سكنية «راقية»، إذ يقع بمنطقة مخصصة للسكن الراقي، كما أن عملية إعادة الإيواء لا تهم السلطات العمومية فقط، بل تتعلق بأحد المنعشين العقاريين المعروفين على الصعيد الوطني.استفاد عدد من القاطنين في هذا الحي الصفيحي من برنامج إعادة الإيواء، لكن ما تزال هناك بعض الأسر، التي تعتبر، حسب الوثائق التي تتوفر عليها «الصباح»، من أقدم قاطني هذا الحي وحرمت من الاستفادة، ما يطرح التساؤل حول الأسباب التي تقف وراء هذا الحرمان وتعطل مشاريع المنعش العقاري، الذي أدى كل التزاماته من أجل إعادة إيواء الأسر التي كانت تقطن فوق الوعاء العقاري الذي أصبح في ملكيته. تقرر بعد اقتناء المجموعة العقارية الأرض، التي توجد فوقها دور الصفيح، إشراك كل أسرتين في بقعة أرضية واحدة، التي تكفل المنعش بأداء مقابلها المالي، في حين تتكفل الأسرتان ببناء منزلهما. لكن عمدت السلطات المحلية، التي تكفلت بالعملية، قبل ذلك، بإحصاء قاطني هذا الدوار الصفيحي لتحديد من لهم الأحقية في الاستفادة. وتشكلت، خلال 2010، لجنة مكونة من قائد مقاطعة رياض الألفة آنذاك، وتقني وعون سلطة(مقدم) وقامت بزيارة الدوار وخلصت أعمالها إلى تحديد لائحة.لكن هذه اللائحة لم توضع، حسب المتضررين من العملية، رهن إشارة السكان من أجل إبداء ملاحظاتهم عليها، أو اعتراضهم، أو تقديم تظلماتهم إلى الجهات المسؤولة من أجل تصحيح أي خطأ يكون قد شاب هذه العملية، كما تنص على ذلك النصوص التنظيمية للعملية. وبالفعل لاحظ بعض سكان هذا الشطر من دوار اولاد الحمدي أن اللائحة شابتها بعض الخروقات، إذ أن لائحة المستفيدين تضمنت أسماء لم تكن قاطنة بالدوار، وأن مدة استقرارها به لا تتعدى ثلاث سنوات، كما أن بعضها لا يتوفر على كناش للحالة المدنية يحمل عنوان سكناها بالدوار.ورغم لجوء المتضررين إلى المسؤولين عن العملية تم تجاهل مطالبهم المتمثلة، أساسا، في تصحيح المعطيات المتضمنة في الإحصاء، الذي أغفل العديد من الأشخاص الذين تتوفر فيهم الأهلية للاستفادة. ونظم المقصيون من الإحصاء وقفات احتجاجية أمام مقر مقاطعة رياض الألفة والولاية وراسلوا عامل عمالة الحي الحسني عين الشق آنذاك، لكن لم يتمكنوا من إقناع السلطات المحلية بإعادة البحث والتقصي في البحث الذي أنجز. حلول سرية لمشاكل علنيةاضطر قائد المقاطعة السابق إلى الاجتماع بالمحتجين، بعد أن حظيت احتجاجاتهم بتغطية إعلامية، ووعدهم بإعادة النظر في الإحصاء وإدماج الأشخاص، الذين تتوفر فيهم المعايير وأغفلهم المشرفون عن الإحصاء الأول، لكن السكان فوجئوا بلائحة تمرر بسرية، من خلال استدعاء المعنيين خفية لأداء واجباتهم، علما أن أغلب الأسماء بها لم تكن قاطنة بالدوار المذكور قبل ثلاث سنوات، كما أن إحدى المستفيدات لم يرها السكان قط. الغريب في الأمر أن إحدى دور الصفيح التي كان يقطنها شخص واحد وتتوفر على رقم واحد تناسلت منها خمسة أبواب إضافية، أي خمسة مستفيدين، ما يطرح أكثر من سؤال حول الطريقة التي جعلتهم ضمن المستفيدين، في حين حرم آخرون ازدادوا بالدوار المذكور وتزوجوا به وكونوا أسرة، على غرار حالة (م. م)، الذي ازداد بالدوار المذكور، خلال 1965، كما هو مثبت في سجلات الحالة المدنية، وتزوج به من (ب.ز) بعقد زواج مؤرخ بتاريخ 09/08/2001. وتتوفر الزوجة على شهادة السكنى، تؤكد أنها تقطن في دوار اولاد الحمدي دار بوعزة مؤرخة بتاريخ 10 شتنبر 2002 ، إذ كان الدوار آنذاك تابعا لجماعة دار بوعزة.وتقدم الزوج (م.م) المشار إليه أعلاه بعد أن ازداد ابنه الأول (م. أ) بطلب من أجل الحصول على كناش الحالة المدنية الذي استصدره من السلطات المحلية، خلال 2003، ويحمل العنوان نفسه وتتكون الأسرة حاليا من خمسة أفراد، كما يشير إلى ذلك كناش الحالة المدنية. ورغم توفره على كل المعايير، خاصة ما يتعلق بالأقدمية، التي يفترض أن تؤخذ بعين الاعتبار في المقام الأول، فإنه أقصي من اللائحة المشار إليها أعلاه باعتباره يتوفر على باب إضافي، علما أنه لم يكن حاضرا، خلال عملية الإحصاء وعندما أخبر بزيارة لجنة الإحصاء توجه إلى المقاطعة من أجل الاستفسار عن اللائحة التي تضم الدور التي همها الإحصاء، أخبروه أن اللجنة ستزور الدوار مرة ثانية من أجل تضمين الدور التي أغفلت خلال الزيارة الأولى. حالات مشبوهةما تزال إلى الآن عشرات الأسر محرومة من حقها في الاستفادة من برنامج إعادة الإيواء وترفض إخلاء العقار، رغم أنه أصبح في ملكية منعش عقاري، ينتظر تصفيته لإقامة مشروعه. تابعت «الصباح» مسار هذا الملف وتبين أن هناك عددا من الأشخاص استفادوا، بالفعل، وانتقلوا إلى مدينة الرحمة، وذلك في ظروف مشبوهة تثير العديد من التساؤلات، خاصة أن السكان المتضررين لا يطالبون إلا بفتح تحقيق نزيه وموسع من أجل الوقوف على عمليات إعادة الإيواء التي همت هذا الدوار. وتظل مسؤولية السلطات المحلية ثابتة في هذه العملية، إذ أنه من السهل التأكد من مدى صدق، أو كذب ادعاءات الأشخاص، الذين يرفضون إخلاء المنطقة، وذلك بالتحقق من هويات الأشخاص المستفيدين، لكنها ترفض فتح أي تحقيق من هذا القبيل، ما يطرح السؤال حول الجهة التي تقف وراء سد الباب في وجه أي بحث في القضية. تفريخ البراريكعمليات ترحيل سكان قاطني دور الصفيح لإعادة إيوائهم في مساكن تحقق لهم العيش الكريم، لم تمر بالسلاسة التي خططت لها الدولة، كما أن جل المخططات التي وضعت آجالا محددة سقفا للقضاء على آخر براكة، باتت مجرد خطابات للاستهلاك، ناهيك عن أن دخول العديد من الأراضي المأهولة بدور الصفيح، إلى المدار الحضري، أو ارتفاع أثمان العقار بالنسبة إلى الأخرى، التي توجد في وسط المدن، كالبيضاء، ساهم كذلك في تعذر تحقيق حلم الدولة، ووقف عقبة دون الاحتفال بإسقاط آخر براكة، سيما أن عمليات الترحيل تحولت إلى مجال لاغتناء البعض ممن يستغلون الظروف، زيادة على ذلك فإن عمليات احتيال أخرى انصبت على سكان بعد استصدار أحكام قضائية بالادعاء أن مستوطني دور الصفيح المستهدفة محتلون بدون قانون، وأن مالك العقار كان قد اقتنى الأرض عارية وفارغة ، قبل أن يفاجأ باحتلالها من قبل السكان، وبما أن المرجع المعتمد من المحكمة لتحديد السكن هو شهادة الملكية، فإن الأحكام غالبا ما تشرد أسرا، عاشت عقودا في التجمعات الصفيحية المشمولة بالإفراغ. مشاكل عقار الاستقبالجل عمليات الترحيل التي شملت سكان دور الصفيح، تعرف مشاكل على مستوى العقار المستقبل لتلك الأسر، وهي مشاكل استمرت منذ ثمانينات القرن الماضي، ولم تعمل الدولة على تجاوزها، بل نقلتها في الألفية الثالثة لتكرر الأخطاء نفسها.فالمنازل التي شيدها المستفيدون بشراكة مع آخرين، توجد في حالة "الشياع"، بل الرسم العقاري كله الذي تحول إلى أحياء حضرية مربوطة بجل الحاجات الضرورية، يوجد في وضعية مشاع، وهو ما يسمح بوقوع مجموعة من التجاوزات، كما يحول دون ضبط المستفيدين وعدم تحول عملية إعادة الإيواء إلى مصدر للاغتناء والتربح ببيع الاستفادة والانتقال بعيدا للبحث عن الاستقرار في تجمع عشوائي بالضواحي.فالتأخر في تمكين المستفيدين من الرسوم العقارية، تنجم عنه مشاكل جمة، بدءا بخرق الاتفاقات مع الشركاء في البناء، ومضاعفة المطالب المالية، وانتهاء بإمكانية بيع الاستفادة والتملص من أداء الرسوم الضريبية وغيرها من الالتزامات الأخرى. وقد تنبهت الدولة إلى هذا الخطأ بالنسبة إلى السكن الاجتماعي، المستفيد من الدعم بمبلغ 50 ألف درهم، إذ منعت بيع الشقق بعد اقتنائها واشترطت مرور أربع سنوات من الإقامة الفعلية، وفي حال العكس فإن الضرائب تحدد المبالغ الواجب إرجاعها للدولة.فعدم وجود رسوم عقارية لمساكن المستفيدين، يعقد ضبط الخريطة والمستهدفين، كما يفتح الباب مشرعا للتربح غير المشروع، ويفرز تجمعات عشوائية جديدة، نتيجة بيع الاستفادة وإحداث تجزئات سرية، لا تفتح السلطات عينها عليها إلا بعد أن تصبح مأهولة بالسكان. استفادة ذكوريةمبدأ المناصفة الذي تحول إلى نص دستوري، لم تحترمه جل عمليات الترحيل، إذ أن رب الأسرة يكون المخاطب الوحيد مع السلطات، وفي حال وقوع طلاق أو تطليق، فإن الزوجة يكون مصيرها مجهولا، أو تتفتق عبقريتها، في رفض مغادرة المنزل ودخولها في صراع مع الزوج لينتهي الأمر بفتحها بابا جديدا بالبناء العشوائي نفسه، لتطالب بدورها بالاستفادة.ولو أن السلطات عمدت منذ اليوم الأول لترسيم المناصفة، وجعل وثائق الاستفادة تحمل اسمي الزوجين معا، لتعذر وقوع مثل هذه المشاكل، التي اتخذت في حالات أخرى بصورة وهمية، باتفاق الزوجين على تطليق صوري، لأجل الاستفادة مرتين، قبل عودتهما إلى الزواج من جديد.هذه الحالات رغم قلتها فإنها تظهر في الآن نفسه، عدم وضع دراسة اجتماعية ونفسية قبل الشروع في عمليات الترحيل. حالة يقتدى بهابينما مازالت دواوير، شملتها عمليات الترحيل منذ ثمانينات القرن الماضي، تتخبط في مشاكل، ولم يقض على بعضها إلا قبل أشهر، كانت دواوير دار بوعزة، سيما التي توجد على الشريط الساحلي، نموذجا لعملية ترحيل ناجعة، فمباشرة بعد الأوامر الملكية، انطلقت عملية الإحصاء، والتي لم تستغرق إلا وقتا قصيرا لتعقبها عمليات هدم وانتقال السكان، إلى مدينة الرحمة.فالسرعة بين الإحصاء والترحيل، كانت كافية لسد الثغرات أو توالد الأسر وتضاعفها، فلو أن السلطات تأخرت عن إجراءات الترحيل، فإنها كانت ستجد صعوبات كثيرة في اقتناع السكان بالانتقال إلى مدينة الرحمة، إذ سيتشبثون باستفادة الأسر الجديدة، سواء منها حديثة الارتباط بالزواج، أو التي التحقت أخيرا بالتجمعات الصفيحية طمعا في الاستفادة.تبين من خلال النماذج التي عاينتها "الصباح" أن أسباب الفشل متنوعة وتأخذ أبعادا مختلفة، فهناك تلاعبات بعض الجهات المشرفة على العملية وفساد السلطات المحلية، كما أن هناك أسبابا مرتبطة بالحكامة وتدبير هذا الملف، ما يفرض إجراء تقييم دقيق للعملية من أجل تحديد الأسباب الحقيقية للإخفاق وترتيب الجزاءات. فشل إعادة الهيكلةفي بعض الحالات لجأت السلطات إلى إعادة هيكلة تجمعات سكنية لا تتوفر على سبل العيش الكريم، من ماء وكهرباء وطرق ومجار للنفايات السائلة، وخصصت أغلفة مالية كبيرة، كما ضيعت جهودا كبيرة في اجتماعات وعقد شراكات مع مختلف المتدخلين، مغفلة في الآن نفسه أهم شرط من شروط إعادة الهيكلة، لتجد نفسها بعد أن أنفقت ميزانية مهمة وحملت السكان أغلفة مالية مختلفة للربط بالماء والكهرباء والتطهير، أمام واقع آخر، بأن تحولت الجهود إلى سراب، بعد أن يصبح السكان مهددين من جديد بالإفراغ، ما يحتم البحث عن وعاء عقاري آخر لاحتوائهم في إطار إعادة الإيواء.النموذج الحي لهذه العملية انطلق قبل سنوات بدرب المسعودي، وبعد شق الطرق وتنقيل مكترين والربط بالماء والكهرباء والمجاري السائلة، تبين أن العملية برمتها مهددة بسبب تعقيدات الوعاء العقاري الذي انطلق فيه المشروع، الذي حمل شعار المبادرة الوطنية، لتتم في غفلة من السكان إزاحة اللوحات التي تشرح المشروع وتنسبه إلى الدولة.فالملاحظون حينها أكدوا أن البرنامج سيفشل لا محالة ما لم تضع السلطات نصب أعينها مشكل العقار، وأن تنزع ملكيته للمصلحة العامة، مع تقدير التعويض الذي سيستفيد منه أصحاب العقار الحقيقيين، خصوصا بعد أن امتنعت المحافظة العقارية عن قبول عقود الشراء منذ ثمانينات القرن الماضي.فنزع الملكية كان شرطا أساسيا لإنجاح إعادة الهيكلة، كما خطط لها، كما أنه يمنع أي تصرف آخر في العقار، الذي يعرف مشاكل كثيرة. أخطاء الدولة تنوعت قرارات إعادة الإيواء بين الترحيل الكلي، أو إعادة الهيكلة في المناطق التي توجد بها التجمعات الصفيحية، ونظرا إلى أن العملية الأولى، أي الترحيل، تعتمد على إحصاء الأسر، لإيجاد وعاء عقاري كفيل باحتوائها، فإن البطء في التنفيذ والتأخر لسنوات، ساهما بشكل كبير في ارتفاع عدد الأسر، وظهور أخرى غير محصية بالتجمعات نفسها، ترفض الإحصاء المعتمد من قبل السلطات، وتعتبر نفسها ذات حق وأولوية، سيما وجود حالات مماثلة استبقتها وضمنت في جداول إحصاء المستفيدين.ورغم أن السلطات تنهج أسلوب إفراغ المحلات، التي رغب أصحابها في الاستفادة وهدمها مقابل منحهم وصل الاستفادة، بالنسبة إلى أصحاب البقع، فإن عملية هدم كل الدور الصفيحية تتعذر، بسبب وجود حالات يطلق عليها "الحالات العالقة"، أي التي لم تكن ضمن المستهدفين بالاستفادة، وتظل براريك وسط أكوام الدمار الناتج عن هدم الدور الصفيحية، وأمام تباطؤ الإدارة في إيجاد حل، تتضاعف تلك البراريك، لتجد الدولة نفسها مجبرة في الأخير على التعاطي مع هذه العينة التي ترفض أي حل لا يساوي الحلول الأخرى التي انتهت إليها عملية الترحيل.فالسرعة منذ إنجاز الإحصاء مطلوبة، وأي تأخر يضاعف الغلاف المالي المخصص للعملية بل وتنتج عنه تجمعات أخرى، لا تقوى السلطات على التحكم فيها، رغم لجوئها إلى أساليب تقنية كالمنع من الحصول على شهادة السكنى، إذ أن الإدارة حولت هذه الشهادة، من مجرد وثيقة للاستدلال على الإقامة وإنجاز الوثائق الإدارية، إلى ما يشبه شهادة الملكية أو الشهادة القانونية التي تخول الاستفادة. تجاوزات رجال سلطة التلاعبات في ترحيل المشمولين بإعادة الإيواء، تجري في الخفاء، ورغم أن المستفيدين ما لبثوا يحتجون ويفتحون أعين السلطات المعنية على الثغرات والتجاوزات، فإن مطالبهم تذهب سدى، ويتم تقييمها على أنها ابتزاز أو ما شابهه، للحصول على منافع أكثر. والقضية التي أثيرت أخيرا، وأدين إثرها عون سلطة، ليست إلا نموذجا صارخا لما يمكن أن يحدث أثناء الترحيل. فإدانة المقدم ب 8 أشهر حبسا نافذا، كانت بسبب جريمة رشوة، ضبط متلبسا بها، وهو يتسلمها من أحد الراغبين في الاستفادة من سكن في إطار محاربة دور الصفيح. وكشفت محاكمته عن تورط قائد الملحقة، بعد أن أشار إلى أنه كان على علم بابتزازه للمواطنين، كما أنه تسلم مبالغ مالية، بوساطة منه، من راغبين في تسوية وضعيتهم، للحصول على شقق في إطار برنامج إعادة إيواء قاطني «الدوار الجديد». وأظهرت التحقيقات التي بوشرت في القضية أن عون السلطة، اتصل بمجموعة من القاطنين بالدوار، الذين كان على علم برغبتهم في تسوية وضعيتهم القانونية، وأخبرهم بقرب الإعلان عن استفادة سكان الدوار من شقق، ليقترح عليهم تسليمه مبالغ مالية حددها في عشرة آلاف درهم مقابل تسوية وضعيتهم. وأقر بتسلم المبلغ نفسه من المبلغة وابنتها، مضيفا أن ذلك كان بعلم القائد، بل الأكثر من هذا أنه تسلم الرشوة بمكتب الأخير، مقابل تسايمها الوثيقة المطلوبة التي تخول إعداد بطاقة تعريف جديدة متضمنة لعنوان سكنهما بالدوار، ما سيمكنها من الاستفادة من شقة.

مدن بدون صفيح… فضائح إعادة الإيواء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حجز طنين من المخدرات بالقصر الكبير

القضاء يحكم ضد ورثة الأمير مولاي عبد الله

مقالات ذات صلة